الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أزهر

شيخ الأزهر: القرآن الكريم يحرم على الزوج إيذاء زوجته حتى وهو يكرهها

كشكول

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن هناك فرقا كبيرا جدا بين القول بأن القرآن في آية سورة النساء يبيح للزوج حق ضرب زوجته كلما رأى ذلك أو أرداه وبين القول بأنه يبيح للزوج قدرا معينا محدودا من هذا التصرف يلجأ إليه إلتجاء المضطر لعلاج أخير ينقذ به أسرته وأطفاله من التدمير والتشريد.

وأوضح شيخ الأزهر: هنا حالتين مختلفتان أشد الاختلاف، الأولى حكم إباحة ضرب الزوج لزوجته إباحة مفتوحة في كل الأحوال والظروف وكيفما كانت الأسباب والدواعي، وهذه الحالة التي نهى عنها القرآن نهيًا صريحًا في قوله: ولا "تُضارهون"، وقوله: "وعشرون بالمعروف"، وهي حالةٌ محرمة علي الزوج تحريمًا باتًا، وهي الحالة التي يدلس بها الكارهون للقرآن علي الناس ويزعمون لهم أنها المقصودة بقوله تعالى: واضربوهن.

وأضاف شيخ الأزهر: الحالة الثانية وهي حالة إباحة ضرب الزوجة اضطرارًا، ومن باب ارتكاب ضرر اخف لمنع ضرر أكبر بهدم  الأسرة علي رؤوس الجميع، متسائلا: والسؤال الآن أي من هذين النوعين من الضرب أقره القرآن وأباحه؟.

وأجاب على السؤال قائلا: أن الحالة الأولي وهي إباحة الضرب إباحة مفتوحة للزوج، ليست من قوله تعالي: "واضربوهن " لا في قليل ولا كثير، مؤكدا أنه بين إباحة الضرب إباحة مفتوحة وبين آية واضربوهن بُعد المشرقين وأن الاستدلال بالآية علي استباحة الضرب مطلقا ما هو إلا تدليس وسوء فهم متعمد لتضليل الناس، ولو أنك ذهبت لتحاول الاستدلال علي هذه الحالة من قوله تعالي: واضربوهن؛ فإنك ستحكم حالة إذن من حيث تعي أو لا تعي بأن القرآن متناقض وأنه سيكون كما يأمر الأزواج بضرب زوجاتهم في آية النساء بينما يأمرهم بمعاشرة زوجاتهم بالمعروف في آيات أخري كثيرة وحين إذٍ يكون الأمر الإلهي أمرًا بالشئ ونقيده في آنٍ واحد، وهذا هو المستحيل بعينه لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

وواصل شيخ الأزهر: استمع إلى: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرة، وقوله: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم ازواجًا لتسكنوا إليها، وقوله: وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون، وقوله: ولا تمسكوهن ضررًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه، وقوله: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، مردفا: اقرأ كل هذا لتعلم أنه لا يمكن بعد كل هذا تأتي آية تأمر بضرب النساء.

واستكمل شيخ الأزهر: يجب علينا أن نتوقف أمام الآية الأولي: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرة، لنعلم يقينًا أن القرآن الكريم يحرم علي الزوج إيذاء زوجته حتى وهو يكرهها بل يذهب أبعد من ذلك وهو يفتح أبواب من الأمل في وجة الزوج الذي يعامل زوجته بالمعروف علي كره منه، أنه سيرزق بخير كثير يصبه الله عليه صبًا في عافيته ورزقه وماله وحياته.

وواصل: المتأمل في آيات القرآن الكريم الواردة في شأن النساء زوجات كن أو غير زوجات، ويتدبرها في إطار منظومة متكاملة يضع فيها الآية التي ورد فيها الأمر بضرب الزوجة في سورة النساء إلى جوار شقيقاتها من الآيات الأخرى ويتأمل ما ورد فيها من أن يعاشر الأزواج زوجاتهم بالمعروف وأنه لهن مثل الذي عليهن بالمعروف ومن تذكير للزوج بأنه وزوجته مخلوقان من نفس واحدة وأنها سكن لها وأن الزوجات لباس لأزواجهم وأزواجهن لباس لهن وأن الله جعل بينهم المودة والرحمة.

واستطرد: وأقول من يتأمل آية واضربوهن على ضوء الآيات الأخرى لا يمكن أن يتشكك لحظة في أن قوله تعالى هذا استثناء للقاعدة وحالة من حالات الإضطرار والضرورات وارتكاب ضرر أصغر لتجنب ضررٍ أكبر منه يؤدي بهلاك الأسرة.

واختتم شيخ الأزهر: خلاصة هذا كله في قوله تعالي: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرهون في المضاجع"، لا يصلح للاحتجاج به على أن القرآن يؤصل لضرب المرأة وأن الاحتجاج بها في هذا المقام جهل عريض بلغة القرآن ودلالات ألفاظها ومثل المستدل به على هذه الدعوة الخبيثة كمثل المستدل بحكم الاستثناء والضرورة على حكم القاعدة الثابتة أو مثل من يمنع استعمال العلاج المر تفاديا لألم المراة حتى وإن كان الموت هو البديا.