نائب رئيس جامعة الأزهر: تَبَنِّي العلوم الخضراء يحد التأثيرات السلبية للنشاط البشري
أوضح الدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات، أن كوكب الأرض يتعرض لتأثيرات سلبية نتيجة للنشاط البشري، وأكد في كلمته في افتتاح المؤتمر الدولي الثالث للعلوم الأساسية والتطبيقية الذي تنظمه كلية العلوم للبنات بالقاهرة تحت عنوان: (نحو العلوم الخضراء) أن هذه التأثيرات السلبية تحتم علينا جميعًا ضرورة تبني العلوم الخضراء في مواجهة التغيرات المناخية التي يتعرض لها كوكب الأرض.
وبيَّن فكري أنه يتحدث عن قضية جوهرية تمس حياة الجميع ومستقبلهم ألا وهي قضية «العلوم الخضراء» لافتًا إلى أنه مع تزايد التحديات البيئية التي أصبحت تهدد العالم أصبح تبني العلوم الخضراء ضرورة ملحّة؛ للحد من التأثيرات السلبية للنشاط البشري.
وأوضح فكري أن الإسلام عني بالبيئة عناية بالغة حتى أصبحت جزءًا من العقيدة؛ ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ"(رواه مسلم).
وأضاف أن هذا المؤتمر ليس مجرد حدث علمي، بل هو منصة حوار مفتوح تجمع العقول النيرة والخبرات المتنوعة من مختلف المجالات العلمية، نسعى من خلاله إلى تسليط الضوء على أحدث التطورات والابتكارات في مجال العلوم الخضراء، تلك العلوم التي تركز على تقديم حلول مستدامة للتحديات البيئية، بدءًا من استخدام الطاقة النظيفة، وإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة، وصولًا إلى الحد من التلوث وتعزيز الزراعة المستدامة.
وبيَّن فكري أن العلوم الخضراء ليست مجرد مفهوم علمي، بل هي رؤية شاملة للحياة، تسعى إلى تحقيق توازن بين الإنسان والبيئة من خلال تطبيق تقنيات مستدامة تحافظ على الموارد الطبيعية، وتقلل من آثار التلوث، وتوفر حلولًا عملية للتحديات البيئية مشيرًا إلى أن التحديات التي تواجه عالمنا اليوم تتطلب منا العمل معًا بروح التعاون والمسئولية فلقد باتت العلوم الخضراء اليوم ضرورة ملحّة من ضروريات الحياة، فهي تمثل الحل الأمثل لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية الموارد البيئية، فالاحتباس الحراري، والتغيرات المناخية، ونقص الموارد الطبيعية، وتلوث الهواء والماء كلها قضايا تفرض علينا التفكير خارج الصندوق، والعمل بروح الابتكار لإيجاد حلول عملية ومستدامة.
وبين فكري أن الأزهر الشريف منارة علمية ودينية عالمية، يحمل إرثًا ممتدًا في توجيه البشرية نحو قيم العدالة والاستدامة، ودعم الجهود العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومع تزايد التحديات البيئية التي تهدد كوكبنا برز دور الأزهر قوة دافعة لتعزيز العلوم الخضراء، التي تهدف إلى حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة بما يتماشى مع تعاليم الإسلام، التي تدعو للحفاظ على البيئة حتى في أشد الظروف، وهذه القيم جعلت من الأزهر الشريف مدافعًا عن البيئة وداعمًا للعلوم الخضراء؛ باعتبارها ضرورة دينية وإنسانية من خلال خطبه، وفتاويه، ومناهجه التعليمية، مما يعزز فهم المجتمع لقضايا الاستدامة وأهمية حماية الموارد الطبيعية وهذا الالتزام يجعل الأزهر أنموذجًا يُحتذى في التوفيق بين التعاليم الدينية والممارسات العلمية لتحقيق مستقبل أخضر ومستدام.
وبيَّن فكريأن مصر نجحت بقيادة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وبرؤيته الحكيمة في أن تصبح صوتًا قويًّا للدول الأفريقية في المحافل الدولية، وشريكًا عالميًّا فاعلًا في قضايا المناخ والاستدامة، مدافعة عن حقوقها في تحقيق التنمية المستدامة، مؤكدًا أن حماية البيئة والتحول إلى الاقتصاد الأخضر ليسا مجرد أولويات وطنية، بل مسئولية عالمية تُلزم الجميع بالمشاركة فيها مما يعكس التزام القيادة السياسية بمستقبل مشرق ومستدام للأجيال القادمة.
ويظهر هذا بوضوح من خلال المبادرات الرئاسية للعلوم الخضراء والتنمية المستدامة، ومنها استضافة مؤتمر المناخ (COP27) في شرم الشيخ عام 2022م، ومشروعات الطاقة المتجددة؛ مثل: محطة بنبان للطاقة الشمسية، التي تُعد من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، ومشروعات طاقة الرياح، وتطوير شبكات مترو الأنفاق والقطارات الكهربائية السريعة كجزء من خطة التحول نحو وسائل النقل النظيفة، ودعم استخدام السيارات الكهربائية والبنية التحتية اللازمة لها ومبادرة "اتحضر للأخضر" وإعادة تدوير المخلفات، وتطوير المدن الخضراء والمستدامة، مثل: العاصمة الإدارية الجديدة، التي تتبنى معايير البناء الأخضر واستخدام الطاقة المتجددة، وهذه الجهود تعكس التزام القيادة السياسية بوضع مصر في مصاف الدول الرائدة في تبني العلوم الخضراء، بما يحقق مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة ويحمي البيئة المحلية والعالمية.
واكد فكري أن المؤتمر يؤكد أن رسالة الأزهر الشريف ليست مجرد رسالة عقائدية فحسب، بل هي رسالة حضارية تهدف إلى تحقيق التوازن بين الروحانية والعلم، وبين الإيمان والعمل، وتدعو إلى الالتزام والمسؤولية بما يعود بالنفع على البشرية جمعاء.
وفي ختام كلمته أوصى فضيلته بضرورة تشجيع الأبحاث المتعلقة بتطوير تقنيات صديقة للبيئة، وتعزيز الدراسات المتعلقة بالتغير المناخي وأثره على النظم البيئية والزراعية، ودعم إنشاء مراكز بحثية متخصصة في العلوم الخضراء، وإدراج مفاهيم العلوم الخضراء والتغير المناخي في المناهج الدراسية على جميع المستويات التعليمية، هذا بجانب تنظيم حملات توعية تستهدف المجتمع لنشر ثقافة الاستدامة وأهمية تقليل الانبعاثات الكربونية، وكذا سن قوانين وتشريعات تدعم استخدام الطاقة النظيفة والحد من التلوث الصناعي، وزيادة الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، مثل: الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومن الأهمية بمكان أن نشجع الأفراد والمؤسسات على المشاركة في مشروعات التشجير والحفاظ على الغابات، وتنظيم مسابقات ومبادرات وطنية لتشجيع الشباب على تقديم أفكار وحلول بيئية مبتكرة، بجانب تعزيز دور الإعلام في نشر قصص نجاح مشروعات العلوم الخضراء لزيادة الوعي والإلهام، وتبادل الخبرات والمعارف بين الدول لتسريع عملية التحول نحو التنمية المستدامة وتوفير تمويلات ميسرة للمبادرات التي تسهم في تحقيق أهداف العلوم الخضراء.
ووجه فكري الشكر والتقدير لكل من أسهم في إنجاح هذا المؤتمر، من لجان تنظيمية وإدارية، ومن أساتذة وباحثين وطلاب. كما خصَّ بالشكر ضيوفنا الكرام الذين قدموا إلينا من مختلف الأماكن، حاملين معهم خبراتهم وأفكارهم لتكون هذه الأيام العلمية علامة فارقة في مسيرتنا الأكاديمية والمجتمعية.