بعد قرارات الأعلى للجامعات.. التعليم المدمج سبوبة أم منظومة متكاملة؟
مر عامان على تطبيق المجلس الأعلى للجامعات لنظام التعليم الإلكترونى المدمج، الذي حل بديلاً للتعليم المفتوح بصورته القديمة، وعلى الرغم من اختلاف الناظمين في البرامج الدراسية المتاحة ومسمى الشهادة التى يحصل عليها الخريج، إلى أن نظام "التعليم الإلكترونى المدمج" الجديد لم يتغير كثيراً، فالدراسة يوم واحد فى الأسبوع كما كان فى النظام السابق وطرق التدريس نظرية وليست عملية ويحصل الطلاب على بكالوريوس مهنى دون الاهتمام بالجانب العملى والتطبيقى، كما أن الشهادة أصبحت لا يعتد بها مصوغ للتعين أو القبول في النقابات المهنية، بعد رفض نقابتي الصحفيين والمحامين قبول خريجي التعليم المفتوح من حاملي الدبلومات الفنية للقبول بهما، مما أدى لتناقص الأعداد الملتحقة بالتعليم المدمج بنسبة كبيرة، مما دفع المجلس الأعلى للجامعات لتعديل شروط الإلتحاق بالتعليم المدمج أثارت جدلاً كبير بين المتخصصين.
القواعد الجديدة تقضي بقبول الحاصلين على المؤهلات العليا "بكالوريوس – ليسانس"، ببرامج التعليم المدمج بعد حصولهم على المؤهل دون وجود فاصل زمني، السماح للحاصلين على مؤهل فوق المتوسط بنظام العامين "ثانوية عامة + عامين معهد" التقدم لبرامج التعلم المدمج بعد حصولهم على المؤهل دون وجود فاصل زمني، قبول الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها منالمؤهلات المتوسطة التقدم لبرامج التعلم المدمج بعد مرور عامين على الأقل من تاريخ الحصول على المؤهل، كما استثنت الشروط الطلاب المصريين المقيمين بالخارج الحاصلين على شهادة الثانوية العامة او ما يعادلها بشرط وجود إقامة سارية، وأبناء شمال وجنوب سيناء من شرط المدة.
سبوبة لرؤساء الجامعات والعاملين والمنتدبين به:
وصف الدكتور عبد الله سرور الأستاذ بكلية الأداب جامعة الأسكندرية، الشروط الجديدة التي أقرها المجلس الأعلى للجامعات، بأنها أليات للحصول على مؤهل عالي من باب خلفي، فمادام الطالب سيلتحق للحصول على مؤهل جامعي ب٥٠ بالمئة، فلماذا يجتهد في مرحلة الثانوية العامة، هذه الشروط تفتقد إلى العدل والمساواة فمثلاً كلية التجارة تنسيق الثانوية العامة لها يتعدي ال٨٠٪، فكيف يمكن السماح لطالب حاصل على دبلوم انتظر سنتين فقط، أو طالب حاصل على الثانوية العامة بمجموع ٥٠٪ فقط ومساواته بمن اجتهد وتفوق وحصل على مجوع أكبر، فمادام الأمر كذلك لماذا تم إلغاء التعليم المفتوح منذ البداية، مع العلم أن شروطه أفضل وكليهما متاجرة بالشهادة.
وأضاف: الهدف الأول منها هو توفير موارد للجامعات، يتصرف فيها الرؤساء ونوابهم دون محاسبة أو رقابة، والهدف الثاني هو تسهيل حصول غير المؤهلين على مؤهل عالي مقابل المال، فلو كان المجلس صادق لقيد هذه الشروط بوضع ضوابط تقضي بعدم صرف أي بدلات لغير القائمين بالتدريس، والباقي يذهب لخزينة الجامعة ولا بصرف منه للموظفين دون حساب أو رقابة، أضف إلى ذلك انها تعد متضاربة مع مساعي الدولة في إنشاء جامعات تكنولوجية حديثة.
إعادة انتاج التعليم المفتوح بشكل مطور
وقال الدكتور محمد كمال أستاذ القيم والأخلاق بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ، إن الشروط الجديدة للمجلس الأعلى للجامعات، تعيد إنتاج التعليم المفتوح بصورته القديمة، ولكن بشكل أفضل مع استبعاد كليتي الحقوق والإعلام، بعد اعتراض نقابتي الصحفيين والمحامين على قبول عضوية خريجي الكليتين، ولكي تتغير الصورة الذهنية للتعليم المفتوح هناك عدة خطوات يجب تطبيقها لتطويره، أهمها "زيادة أيام الدراسة أن تكون يومين بدلاً من يوم واحد أسبوعياً، وعدم التساهل في وضع الامتحانات والتصحيح حتى يكون الخريج يستحق الشهادة التي يحصل عليها، وتعديل مسمي الشهادة التي يحصل عليها الطالب لتكون شهادة جامعية، وأنه لا تعارض بين التعليم المدمج، والتعليم التكنولوجي الذي يقوم على الدراسة العملية، ويقبل أعداد قليلة جداً.
وتحفظ كمال على بند قبول طلاب الثانوية العامة أو مايعادلها من المؤهلات المتوسطة، بعد مرور سنتين فقط ببرامج التعلم المدمج، مقترح زيادة المدة إلى ٥ سنوات كما كانت في الماضي، وأكد الشروط الجديدة يمكن إضافة عليها اختبارات قدرات عليها لضمان دخول الطلاب المؤهلين للحصول على مؤهل جامعي، ورحب بشرط استثناء طلاب المصريين بالخارج وشمال وجنوب سيناء، مؤكداً أن هذا الشرط سيجعل الجامعات الحكومية تنافس بقوة مع التعليم الخاص، ومساعدتهم على استكمال تعليمهم، وزيادة انتمائهم للدولة المصرية.
تعليم مفتوح بقناع جديد يهدف للربح
وأوضح الدكتور عبدالعظيم الجمال، أستاذ المناعة والميكروبيولوجي المساعد بجامعة قناة السويس، أعتقد أن التعليم المدمج، ما هو الا التعليم المفتوح بقناع جديد بل أسوأ منه، والشروط الجديدة الهدف منها ربحي بحت، مما يساهم بزيادة في تدهور منظومة التعليم، فكان من المفترض أن يكون الطالب حاصل على ثانوية عامة للإلتحاق بكلية الحقوق أو التجارة، أما الآن فيحق ذلك للحاصلين على دبلوم صناعي أو تجاري وهذا غير منطقي، كما أن هناك حالة من التشبع في مصر في الكليات النظرية، و يتم تخريج مئات الآلاف سنويا منها، فإذا أضفنا لها عشرات الآلاف بنظام التعليم المدمج الجديد، سيؤدي لحدوث ترهل و تكدس في سوق العمل، فكيف تكون الدولة بكل مؤسساتها وقيادتها السياسية داعمة لتطوير التعليم والتحول من خلال إنشاء الجامعات التكنولوجية، وتأتي هذه القرارات لتعيدنا سنوات للوراء.
وأردف التعليم الدمج حتى بعد تعديل الشروط ليس نظام أو منظومة تعليمية متكاملة، و يغفل الشق الاكاديمي، فهو أشبه بدورات تدريبية مكثفة دون تأسيس أكاديمي مسبق، فكان يجب بحث مصير الخريج في سوق العمل، والالتحاق بالنقابة المهنية المختصة، حتى لا تتكرر نفس مشكلات النظام القديم، وكذالك إذا كان الهدف هو توفير موارد للجامعات كما هو المعلن فلابد من وضع ضوابط لضمان عدم صرفها فى غير محلها وتذهب فى هيئة بدلات للعمال المنتدبين والمكافآت لغير مستحقيها.
وتواصل "كشكول" مع مدير مركز جامعة القاهرة للتعليم المدمج، للتعليق على الشروط الجديدة ولكنه رفض.