"بيزنس" أم تطوير.. منح درجات الماجستير والدكتوراه بالجامعات الخاصة يثير ضجة
تباينت الأراء حول قرار الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي خلال مجلس الجامعات الخاصة حول بدء برامج الدراسات العليا "الدبلوم - الماجستير ـ الدكتوراه"، بالجامعات الخاصة وهى نفس المعايير التى اعتمدها المجلس الأعلى للجامعات لبدء برامج الدراسات العليا بالجامعات الحكومية.
قرار صائب
حيث قال الدكتور ماجد نجم رئيس جامعة حلوان وعضو بالمجلس الأعلي للجامعات الخاصة، إن قرار الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي بمنح درجات "الماجستير والدكتوراه" بالجامعات الخاصة قرار صائب حيث أن الجامعات الخاصة كيان من كيانات التعليم العالي في مصر، كما أن هناك جامعات خاصة تخطت عمرها الـ٢٥ عام فمن الطبيعي أن يبدأ بها برامج دراسات عليا لمنح درجات الماجستير والدكتوراه وفقاً للضوابط والمعايير التي أقرها المجلس الأعلى للجامعات والتي أعلن عنها الوزير انها نفس ضوابط الجامعات الحكومية.
وأضاف نجم، في تصريحات خاصة لـ"كشكول"، أن إذا نجحت ونفذت الجامعات الخاصة هذه الضوابط فيكون تقدم عالياً كما يعمل ذلك علي تخفيف العبء والضغط عن الجامعات الحكومية التي يتقدم لها اعداد كبيرة لعمل الدبلومه والماجستير والدكتوراه، مشيراً إلى أن هذه الجامعات معتمدة اعتماداً رسمياً من المجلس الأعلى للجامعات فيحق لها تقديم هذه الدرجات.
وأما من ناحية أن بعض النقابات لا تقبل خريجي الجامعات الخاصة فمع كامل الاحترام لهذه النقابات هذا لا يحق لها بمنعهم من الالتحاق بها فهي جامعات معادلة والجامعات الحكومية.
القرار تأخر كثيرًا
وقال الدكتور حسام الملاحي رئيس جامعة النهضة ببني سويف، إن تطوير المنظومة التعليمية لابد أن يعتمد على كل شئ خاص بالتعليم، مشددًا على عدم ترك شق بمفرده دون تطوير.
وأضاف الملاحي، في تصريح خاص لـ"كشكول"، أن قرار مجلس الجامعات الخاصة ببدء برنامج الدراسات العليا "الدبلوم والماجستير والدكترواه" هو لتطوير منظومة التعليم العالي في مصر، قائلًا: "هناك مشكلة كبيرة في القوى البشرية داخل الجامعات المصرية"، مؤكدًا أن القرار تأخر كثيرًا وهو صائب.
لا فرق بين جامعة خاصة وحكومية
كما قال الدكتور أحمد عزيز رئيس جامعة سوهاج، إن منح الجامعات الخاصة درجات (الماجستير والدكتوراه) يزيد من مكانتها وأهميتها في مصر ولا فرق بين جامعة خاصة وحكومية طالما تقدم منتج وتعليم نافع لأبناء مصر.
وأكد عزيز في تصريحات خاصة لـ"كشكول"، أن المجلس الأعلى للجامعات الخاصة وضع نفس الضوابط الخاصة ببرامج الجامعات الحكومية اي أنها تسير على نفس النهج وتقدم ما نقدمه من برامج وتعليم جيد.
لابد من توافر هذه الشروط
ومن ناحية أخرى اختلفت آراء أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية علي القرار حيث أوضح الدكتور محمد المرسي الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن القرار يثير القلق لدي الكثيرين إلى حد كبير عن مدي جاهزية هذه الجامعات لبدء الدراسات العليا بها، خاصة أن هذا الأمر اذا لم يتم وضع ضوابط حاسمة وصارمة لها من الممكن أن يؤثر علي سمعة العملية التعليمية.
وأضاف المرسي، في تصريح خاص لـ"كشكول"، أنه لا مانع من بدء الدراسات العليا في بعض كليات هذه الجامعات في مرحلة الماجستير كمرحلة أولي وإذا ما ثبت نجاحها يتم السماح بعدها بدرجة الدكتوراة مع توافر الشروط التالية :
- توافر مقومات الدراسات العليا وخاصة ما يتعلق بتوافر أساتذة معينين وليس منتدبين ووضع خطة لإدارة الدراسات العليا بها بشفافية تامة.
- وضع الضوابط التي تكفل عدم تحول هذا الأمر الي بيزنس أو عملية تجارية تهدف الي الربح فالأصل في البحث العلمي هو خدمة المجتمع وتطويره للأفضل.
- أيضا وضع الضوابط التي تكفل الرقي بالبحث العلمي والوصول بها الي مستوي يتلاءم مع قيمتها العلمية.
وأكد المرسي، أن الأمر كله يتوقف علي مدي جاهزية هذه الجامعات لبدء الدراسات العليا بها وعلي مدي وضع ضوابط صارمة لضمان سلامة هذه المرحلة المهمة، كما يتوقف أيضا علي الرغبة الصادقة من هذه الجامعات في الرقي بالبحث العلمي وتوفير كافة الأمكانات له بغض النظر عن مدي الربحية أو تحويل الأمر إلى تجارة.
البنية التحتية أولى والجامعات الخاصة تهدف للربح
وقال الدكتور سامح عبدالله أستاذ بكلية الآداب جامعة الفيوم، إن هذا القرار غير صحيح لأن معظم الجامعات الخاصة غير جاهزة للبحث العلمي من معامل ومستشفيات وأساتذة ومشرفين فكيف بها أن تعمل ببرامج الدراسات العليا قبل وضع البنيه التحيه لها.
وأضاف سامح في تصريحات خاصة لـ"كشكول"، أن يوجد تخوف كبير من هذا القرار وهو أن يتحول الأمر إلى أمر مادي فالجامعات الخاصة في الأساس تسعي إلي الربح في التعليم الجامعي فماذا يحدث في البحث العلمي
لهذه الأسباب القرار خطير ويهدد بهدم العملية التعليمية.
لابد من ضوابط جديدة
وأوضح الدكتور هاني الحسيني الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، أن ضوابط منح درجة الماجستير والدكتوراه بالجامعة الحكومية ضعيفة ولابد من تغييرها ووضع ضوابط جديدة قوية.
وأضاف الحسيني، في تصريح خاص لـ"كشكول"، أن هناك بعض الأقسام بالكليات الحكومية ليس بها أعضاء هيئة التدريس بالقدر الوافي وتقوم بمنح درجة الماجستير والدكترواه بسهولة للدارسين لسد العجز.
وأكد الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، أنه لابد أن يكون هناك قاعدة يتم تغييرها كل 5 سنوات حتي لا نرى تشوهات داخل الكليات.
لهذه الأسباب القرار خطير ويهدد بهدم العملية التعليمية
وقال الدكتور عبدالباسط صديق الأستاذ بجامعة الإسكندرية، إن القرار هو مسمار جديد يدق فى نعش الجامعات الرسمية الحكومية، موضحًا أن القرار المبدئى العبثي بالسماح للجامعات الخاصة بمنح درجات الدراسات العليا (دبلوم - ماجستير - الدكتوراة) منها والتى ينحصر تأهيلها على وجود أستاذ واحد فى التخصص من أعضاء هيئات التدريس بها.
وأضاف عبد الباسط، في تصريح خاص لـ"كشكول"، أن القرار المبدئي للمجلس الأعلى للجامعات الخاصة خلال اجتماعه اليوم السبت الماضى، وتشكيل لجنة لوضع قواعد منح درجة الدكتوراه والماجستير في الجامعات الخاصة، هو قرار خطير وخطوة جديدة فى هدم القيمة العلمية لهذه الدرجات وخطوة جديدة فى القضاء على دور الجامعات الحكومية وسحب البساط العلمى منها ولعدة أسباب منها :
1- معظم الجامعات الخاصة تسعى للربح فى المقام الأول ولأنها مشاريع استثمارية للقائمين عليها وأصحابها.
2- غالبية الجامعات الخاصة لا تمتلك قاعدة علمية حقيقية من أعضاء هيئة وبخاصة الأساتذة المتخصصين، وتعتمد هيئة التدريس بها على وجود أستاذ واحد على الأكثر فى التخصص كأستاذ معين أساسيا ويتم استكمال بعض النقص عن طريق بعض الانتدابات لأعضاء هيئة التدريس من الجامعات الحكومية وبذلك يتخلص من كل متطلبات التعيين الدائم لهم (التأمينات - المعاشات - التأمين الصحى - صناديق الزمالة....الخ) مقابل دفع مكافأة صغيره لهم عن ساعات التدريس (الحساب بالساعة).
3- معظم الجامعات الخاصة لا يوجد بها المعامل أو المستشفيات أو المشروعات التى يمكن من خلالها تنفيذ وإجراء بحوث حقيقية ميدانية، للأسف تقوم حاليا بمحاولات رهيبة لاستغلال المنشاءات الحكومية القائمة (دون إضافة جديدة لها) كالمستشفيات الحكومية لاستكمال الشكل لتدريس الطب ومن النادر فى هذه الجامعات من أقام لجامعته مستشفى أو معمل أو مصنع تدريبى لتقديم التعليم التطبيقى الحقيقى الذى يضيف ويطور التعليم الجامعى.
4- إذا بحثنا جيد عن أسماء الملاك والمساهمين والشركاء ومديرى هذه الجامعات (أو معظمها على الأقل) سوف نجد أن معظمهم مسئولين حكوميين سابقين أو حاليين أو وزراء سابقين فى الحكومة المصرية (راجع أسماء الوزراء السابقين للتعليم وراجع رؤساء الجامعات الخاصة الحاليين) مما يشعرنا أنها تركة وتجارة بين الأكابر فى استغلال مصالح البلاد والعباد لمصالحهم الشخصية بالقدرة على التحايل لايجاد الطرق التى تقننن لها كل ماتسعى اليه من ربح واستغلال وبالقانون، ودون تقديم خدمة مضافة لتطوير أو تحسين مخرجات التعليم أو متطلبات سوق العمل أو نقل حقيقى أو توطين للتكنولوجيا الحديثة فى التعليم.
5- عند تفحص أنواع الكليات والتخصصات فى هذه الجامعات سوف نجد أن الغالبية منها تخصصات نظرية (وليست تكنولوجية) ويظهر لك ان معظمها لا يتطلب إنشاء مشروعات تدريبية بل التدريب الميدانى بها يتم داخل حجرة أو أثنين داخل مبنى بها (لا توجد مستشفى أو مزرعة أو معمل أو مصنع).
6- إذا لا مفر من اتخاذ هذا القرار (نظرا لسيطرة أصحاب المصالح على المجلس الأعلى) فاليقتصر على بعض التخصصات فى الجامعات الخاصة التى تمتلك اصطاف تدريسى كامل (تعيين دائم) ويمتلك المعامل (حقيقية وقائمة بالفعل وتعمل بكفاءة) ولا يجب ترك الحبل على الغارب لهم حتى لا يتم تدمير ما تبقى من سمعة علمية للشهادات التى تمنع من الجامعات المصرية.
7- تمرير هذ القرار سيكون بمثابة تصريح قانونى لجملة "ادفع لنا وخذ دكتوراه"، هات وخذ واحذر من عواقب هذا الفكر التدميرى لما تبقى من سمعة مصر العلمية والبحثية.