السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

معايشة من إيطاليا.. البلدة الجميلة أصبحت خاوية على عروشها "حوار مع رئيس برامج الحكومة للمغتربين"

كشكول

 الحكومة المصرية تتعامل بمسؤولية واحترام واحتراف مع وباء كورونا
لابد من حظر تجول وكلي وغرامات مغلظة حتي لا يتكرر السيناريو الإيطالي في مصر
المستشفيات الإيطالية في حالة يرثي لها لكثرة الأعداد
الشعب الإيطالي استهتر في بداية الأزمة وهكذا كانت النتيجة
الخسائر الاقتصادية تتخطي الـ 100 مليار شهريا


مشاهد مرعبة رصدتها عدسات الكاميرات في بلد أوربي متقدم، البلد الصاخبة تحولت إلى مدينة أشباح، المرضى ينتشرون في كل زاوية، النظام الصحي عاجز على استقبال هذا الكم من المصابين، أعداد الضحايا تتسرع بصورة جنونية حتى أصبحت الأكثر تضرراً في العالم، إيطاليا ذلك الدولة الأوروبية التي احتلت صدارة المصابين والوفيات جراء فيروس كورونا المستجد في العالم، "كشكول" حاول رصد الصورة عن قرب في روما من خلال حوار مع الأستاذة منال سرى منظمة برامج الحكومة للمغتربين، للتعرف على حقيقة الأوضاع وكيفية تعامل الحكومة معها، وكيف يمكننا تجنب السيناريو الإيطالي، وإلى نص الحوار

ما هو الوضع الحالي في إيطاليا وكيف تدهورت الأمور لهذا الحد؟ 

الوضع الحالي يعتبر في تحسن نسبي بالمقارنة ببداية الأزمة نظراً لعدم زيادة الوفيات الذي قد وصل الى 9134 حالة حتي يوم الجمعة  27 مارس الجاري، ولعل الأمر أكثر قلقا لزيادة العدوى إلى يومنا هذا وظهورها بأعداد كبيرة، وذلك يرجع لعدم إلتزام الإيطاليين في الفترات الحرجة وفترة الإعلان عن انتشار كورونا في البلد في شهر يناير وفبراير، لكن الأمور كانت تسري كما لو أن شئ لا يحدث، وتنقل الإيطاليين من الشمال إلى الجنوب ولن تهدأ حركة التنقلات وصلوا إلى أكثر من 8000 شخص، وهذا العدد أختلط بأضعاف مضاعفة من البشر، مما جعلها تحتل صدارة أكثر البلاد المنكوبة في العالم.

ما هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإيطالية للسيطرة على الموقف؟

الحكومة أصدرت قوانين صارمة على مرحلتين، المرحلة الأولى في فبراير وكانت تخص المحافظات الشمالية، وعلى رأسها مدينة بيرغامو شمالي إيطاليا، الذي انتشر فيها المرض في كل زاوية، بعد تفشي العدوى التي أصبحت الأكثر تضررا في البلاد من جراء الفيروس، لكن لعدم السيطرة على كورونا وارتفاع الوفيات أضطرت أن تضع إيطاليا كلها في حالة الحظر، وأصدرت قوانين صارمة وعدم الإلتزام بها يقع بالشخص لدفع غرامة والحبس.

 المرحلة الثانية التي بدأت في  22 مارس، وهي وقف جميع الأنشطة الغير ضرورية مع البقاء للقطاعات الإستراتيجية، مثل الأجزاخانة والسوبر ماركت وإدارة مراكز المغتربين، عدم الخروج من المنزل إلا لثلاثة أسباب:

 1-الخروج للعمل
2-الخروج لقضاء مستلزمات سلعية للعائلة 
3-الخروج للعلاج فقط
بشرط ضروري في حالة الخروج لابد من الإلتزام بوضع بيانات الشخص وسبب الخروج والتاريخ في مرسوم مكتوب من الحكومة، و حملات مراقبة صارمة على من يتواجد خارج المنزل. 

كيف تعاملت المستشفيات الإيطالية مع الأمر وهل استوعبت كافة الأعداد؟

نعم حالة المستشفيات لا يرسى لها، وهذا ليس لأنها غير مؤهلة ولكن لكثرة الأعداد المتوافدة كل يوم عليها، وخصوصاً مستشفيات الشمال الإيطالي المصابة بشدة، رغم أنها في أعلى المستويات في الجودة والتجهيزات، ولكن الأمر زاد عن القدرة الاستيعابية، لوفود الأعداد المصابة وفي حالة خطرة بفيروس كورونا، فقامت المستشفيات بنصب وتشيد الخيام في الأماكن الفضائية القريبة من أي مستشفى، وتسمى بأماكن الطوارئ أو الأسعافات الأولية، 

كيف تعاملت الحكومة الإيطالية مع قلة عدد الأطباء ونقص المستلزمات؟


الحكومة تواجه أزمة كبيرة في نقص الكمامات الطبية، أجهزة التنفس، المطهرات وكل ما يستلزم علاج الجهاز التنفسي، بالإضافة لأمر في غاية الأهمية زاد من سوء الوضع وهو أن إيطاليا تعاني نقص في الأطباء، وذلك لأن من فترة وجيزة كان هناك ما يقرب من 2500طبيب متقاعد بحكم قوانين فرضت في الفترة الأخيرة، وسبب أخر وهو أنه تكثر كمية الأطباء الخريجين وفي انتظار التعيين.

كان موقف الحكومة تجاه الموقف أنها اضطرت أن تعيين الخريجين من الأطباء وبحوافز تشجيعية، وطالبت الأطباء المتقاعدين أن يلجؤوا إلى ممارسة المهنة الطبية والانضمام للمستشفيات للقضاء على فيروس كورونا، وطلب المساعدة من دول الأتحاد الأوربي و أي دولة أخرى في إمكانياتها مساعدتهم.

ما هي أبرز الدول التي ساعدت إيطاليا للتغلب على الأمر؟

وأول المساعدات لإيطاليا  كان وصول وفد من الأطباء من بلدة كوبا لسد فجوة الأطباء، وثاني مساعدة من جمهورية مصر العربية بإرسال مليون ونصف كمامة طبية ومستلزمات أخرى على متن طائرة مصر للطيران يوم 21 مارس، كما أرسلت الصين والهند أيضا المساعدات.. 22 مارس استقبلت من روسيا طائرة محملة بالكمامات والاجهزة الطبية والأطباء، كما تعد روسيا أكثر الدول التي قدمت مساعدات وذلك لأن وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، قد أعلن عن وصول عدد تسعة طائرات من روسيا محملة بالمستلزمات الطبية وفعلا وصل عدد طائرات المساعدات الروسية ١٠ طائرات.

انتشرت عدة أخبار عن مساهمة مدينة ووهان الصينية في مساعدة إيطاليا مدى صحتها؟
الصين عموما كانت في المرتبة الثانية في تقديم المساعدات لإيطاليا، وبالفعل أعلنت الحكومة الإيطالية عن التعاقد مع مدينة ووهان في تصنيع الكمامة الطبية بعد تعافي المدينة من الفيروس وعودة العمل بالمدينة التي كانت مركز انتشار المرض لينتقل منها إلى مختلف المدن الصينية.

كيف يتعامل الشعب الإيطالي مع الحظر وكيف يقضي الإيطاليين يومهم داخل المنازل؟
الشعب الإيطالي في المرحلة الأولى استهتر بقوانين الحظر، وفعلا كان هناك غرامات تم تحصيلها بالآلاف، ولكن بعد وصول معدل الوفيات في اليوم بسرعة فائقة، التزموا المنزل وامتنعت التنقلات و الإختلاط نهائي مع الآخرين، فأصبح يتعامل مع فرض الحظر بكل واقعية و إحترام لأنه لو خرج من المنزل يعرض نفسة للإصابة بالمرض، أو المحاسبة من قبل الشرطة.

احتياجات المواطن الأساسية كيف يتم توفيرها  وهل هناك استغلال لرفع سعر بعض المنتجات؟

إحتياجات المواطن الأساسية يتم توفيرها بكل سلاسة وسهولة ومتواجدة في السوبرماركت بوفرة دون نقص في أي سلعة، ولن يكون هناك إطلاقا في رفع الأسعار، لأن الشعب الإيطالي بدء يدرك حجم الأزمة وضرورة التكاتف من أجل عبورها بأقل الخسائر، ثانيا لرقابة الحكومة الشديدة على الأسواق، كل شئ مثل ما كان قبل وقت الحظر، لكن الشيء الجديد هو فرض قانون لابد من تنفيذه عند النزول للتسوق، وهو عمل طابور طويل خارج السوبر ماركت وتكون المسافة هي متر بين الشخص والآخر ودخول فرد عند خروج فرد آخر.

أحوال المصريين في ايطاليا هل هناك فى وفيات أو إصابات وهل طلبوا العودة لمصر؟ 

المصريين المتواجدين هنا  الحمد لله بخير وذلك نعرفه عن طريق السوشيال ميديا بين بعضنا البعض، وأيضاً عن طريق المكالمات التليفونية للاطمئنان على بعضنا، وهناك حالة واحدة لوفاة شخص مصري. أعتقد وفي رأيي الخاص أنه لاتوجد حالات طلبت العودة لمصر، وذلك لارتباطها القوي بإيطاليا وما حققوه من استقرار عائلي وتواجد الأولاد في المدارس والجامعات.

حجم الخسائر على الاقتصاد الإيطالي هل هناك حصر بها؟ 

بلا شك أن الإقتصاد الإيطالي في خسارة كبيرة، وقد صرح رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ، الذي أعلن أن بلاده تشهد أخطر أزمة بعد الحرب العالمية الثانية،
وقدر رئيس الاتحاد العام للصناعة خسارة قطاع الإنتاج في إيطاليا قد تصل الى 100 مليار يورو شهرياً،  وذلك بسبب القرار الحكومي لوقف المصانع و الأنشطة غير الضرورية مع الإبقاء على القطاعات الاستراتيجية وتلك التي تؤمن السلع الحيوية للمواطنين والمنتجات الغذائية والصحية لعدم تفشي الفيروس في البلاد.

كيف تعاملت إيطاليا مع طلاب المدارس والجامعات لتعويضهم خلال الأزمة؟

فكرة التعليم عن بعد عن طريق برامج تبث من المدارس نجحت جدا بنسبة 97 بالمئة، في بعض المدارس الإيطالية يمارس اليوم الدراسي من على بعد صباحاً،  كما أنه يوم دراسي طبيعي يبدأ من الساعة 8 وكل المدرسين والتلاميذ يجتمعوا عن طريق سكايب، وهذا يرجع إلى دور الإدارة المدرسية وتفوقها في السيطرة على برنامج يجتمع في كل فصل.

والجامعات نفس الشئ ولكن أكثر احترافاً، وبمستوى مرتفع وذلك لأنه في الجامعات هذا الأسلوب متواجد باستمرار كي ينسق وينظم المواد الدراسية للجامعيين، عن طريق بيان فورما لتحصيل المواد الدراسية وسهولة اتصالهم  بالمدرسين،، فقد أعلنو فعلا اليوم أنه في وقت الأمتحانات فإنها تتم بمنتهى الجدية والسلاسة وسيتم ايضا عن بعد.

الأوضاع حاليا بعد وصول المساعدات من عدة دول هل هناك انخفاض فى الإصابات والوفيات؟ 

 هناك في استمرارية في ظهور الفيروس على أعداد كبيرة وكمية الوفيات في تزايد  اليوم 27 مارس حيث بلغت الإصابات  66414 شخصًا، للأسف المساعدات لا تكفي لبشاعة الموقف، وانتشار المرض  إلى يومنا هذا، الأماكن في المستشفيات نفذت، وأسطوانات الأكسجين أيضا والكمامات الطبية. 

فهناك عدة أسباب أدت لانتشار المرض بهذه الصورة أولها كثرة التنقل من بلد لأخرى في البداية مما يعني ظهور مصابين جدد كل يوم، السبب الثاني كثرة كبار السن وإصابتهم بالعديد من الأمراض المزمنة مما يساهم في زيادة عدد الوفيات.



دور الاتحاد الأوروبي وهل تشعر إيطاليا بتخليهم عنها؟

في البداية الاتحاد الأوروبي لن يستجيب لطلب المساعدة من ايطاليا بحجة انه لايوجد بند  للطوارئ لفيروس كورونا، ولكن عندما انتشر الفيروس في بلدان أخرى، اجتمع رؤساء الاتحاد الأوربي  25 من مارس وعرضوا وسلسلة من المبادرات لمعالجة الأزمة الاقتصادية والصحية المرتبطة بانتشار فيروس كورونا، وتقديم المساعدات. 

فالحكومة الإيطالية ليس بيدها اي شئ غير الانتظار، وهذا كان رد فعل رئيس  الوزراء جوزيبي كونتي  الذي أعرب عن "الرضا عن القرار،  وقال": إنه "أداة إضافية مهمة ستكون مفيدة في دمج استراتيجية الاستجابة الأوروبية مع العواقب الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة، الناجمة عن حالة الطوارئ الصحية،  يجب أن نواصل العمل لإثراء مجموعة الخطط التي تم وضعها من أجل جعل رد الفعل الأوروبي منسق وقوي في الوقت المناسب ".

الصور والأخبار المنتشرة على السوشيال ميديا عن منع المافيا الإيطالية للمواطنين من الخروج من المنازل وتقديم مساعدات للحكومة؟ 

انتشرت بعض الأخبار أيضا على مواقع التواصل عن هذا الأمر غير صحيح تماماً، و لا أعلم مصدرها، كذلك اخبار تبرع المافيا الإيطالية للحكومة أمر مثير للضحك.

اقتصادياً كيف ستعوض الحكومة المواطنين عن فترة الحظر لتلبية احتياجاتهم الاساسية؟

الحكومة اعترفت صراحة أنها في حرب وبالعكس أسوء من الحرب العالمية الثانية، حرب اقتصادية وصحية لان الخسارة تبلغ 100 مليار في الشهر، بسبب توقف الأنشطة غير الضرورية وانقطاع النشاط السياحي، ومن ناحية النظام الصحي فيعتبر في سوء لكل الأحداث التي تمر بها البلد من شهر يناير، التعويض لابد منه، بالرغم من غلق مؤسسات عديدة إلا أن الحكومة منعت عدم الرفد. وقررت تعويض العاملين ب٨٠٪؜ من راتبهم الشهري طول فترة الأزمة، كما حددت 600 يورو  مكافأة لمن يعمل في الزراعة، و100يورر للقطاعات الأخرى. من شهر مارس إلى شهر يونيو.

الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الدولة المصرية لتجنب السيناريو الإيطالي؟ وهل الخطوات التي اتخذت كافية؟

حظر تجوال الجزئي لابد أن يكون كلي وبحزم وغرامات، الحكومة المصرية تتعامل بمسؤولية واحترام واحتراف مع وباء كورونا، إلى الأن قرارات الحكومة الاحترازية كانت سريعة جدا في قفل المدارس وتعقيم المصالح والمصحات والمؤسسات، لكن للأسف ينقصنا الوعي في القرى والمناطق العشوائية، لابد من رعاية هذه المناطق وبث الثقافة الصحية.

مؤسسات المجتمع المدني لابد من أن يكون لها دور للمساعدة بكل حذر لتوعية المجتمعات الفقيرة، الشعب لابد ان يلتزم المنازل وخصوصا كبار السن والأطفال، وشرب السوائل الساخنة، وفي المستشفيات يجب العناية بالأطباء والممرضين، وإن وجد شك في العدوى لابد أن يعمل لهم الأختبار، تجهيز المستشفيات بأجهزة تهوية الرئة وأنابيب الأكسجين وطبعا الأدوية اللازمة، لابد من توافر الكمامة الطبية للشعب كله لانها لابد ان تستعمل بعد المعافاة لعدم النكسة، عدم السلام بتاتا باليد والتقبيل.