"التوزيع الجغرافي" في تنسيق القبول بالجامعات "متهم بحكم محكمة"
"ندى" تفجر القضية.. والحكومة تفشل في إيجاد بديل
"عبد الغفار وشوقى" لم ينجحا في إيجاد حل أخر لتحويلات ألاف الطلاب
خبراء القانون: قرار الإدارية العليا
"شخصي" وليس إلزاميا
سرور: إلغاء "التوزيع الجغرافى" يحتاج لتجهيزات سابقة
فجرت المحكمة الإدارية العليا، قبل يومين مسألة "عدم دستورية التوزيع الجغرافي" الذي يعتمده مكتب التنسيق في ترشيح الطلاب للكليات، ويستند إليه كمبرر في استبعاد بعضهم من القبول بكليات لا تقع ضمن نطاق محافظاتهم حتى وإن كان مجموع درجاتهم يؤهلهم للالتحاق بها.
وكان اللافت أن حكم المحكمة الإدارية الذي صـدر بأحقية الطالبة، "ندى عبدالفتاح على" في انضمامها لكلية الصيدلة، فرع أسيوط، بدلا من كلية العلوم التي رشحها لها مكتب تنسيق القبول بالأزهـر بإحدى كليات الوجه البحري، لا تمتد أثاره على نطاق واسع، لتشمل جميع الطلاب، فهو بحسب خبراء القانون "حكم لفرد متظلم"، لا يوقف العمل بالقاعدة التي يعتمد عليها مكتب التنسيق الأزهر، الذي دافع بدوره عن قراره بالتأكيد على أن عـدم قبول تظلم الطالبة ونقلها إلى كلية الصيدلة، هو أن كلية الصيدلة فرع أسيوط مخصصة لطلاب الوجه القبلى دون طلاب الوجه البحرى، طبقاً لمبدأ التوزيع الجغرافى. وهو ما رفضته المكحمة كونه لا أساس له من القانون، وأوقع ظلما على الطاعنة.
المحكمة قالت فى حكمها، "إن الدستور نص على أن جميع المواطنين لدى القانون سواء، لذا لا يجوز لمكتب التنسيق التقيد بقاعدة التوزيع الجغرافى، لأن هذا يتنافى مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص. وأشارات المحكمة إلى أن المجلس الأعلى للأزهر هو المنوط بتحديد الطلاب المقبولين بكليات الجامعة وفقاً لشروط يضعها، ولابد أن يمارس هذا الاختصاص فى حدود الضوابط التى وضعها الدستور والقانون المنظم، كما وجب عليه أن يكفل لكل طالب فرص متساوية فى الالتحاق بالكلية التى يرغبها مع حدود الحد الأدنى للقبول بها، ويكون ذلك بدون تميز بينهم لأى سبب".
واختتمت حيثياتها بالتأكيد على أن قـرار الأخـذ بنظام التوزيع الجغرافى للالتحاق ببعض الكليات، يجب ألا يكـون مببرا في حرمان الطالب من الالتحاق بكـلية يرغب فيها وتؤهله درجاته لها، باعتبار أن جميع الكليات تتبع الجامعة وتخضع لتنظيم قانون واحد، فمبدأ التوزيع الجغرافى أهدر المساواة بين الطلاب، وأخل بتكافؤ الفرص، كما ميز فئة عن أخرى دون سبب أو مبرر قانونى، ورغم أنه تم وضعه للحفاظ على مصلحة الطالب، لكن لا يجب أن يكون سببا للجور على حقة أو الانتقاص منه. لذا رأت المحكمة أن حرمان الطالبة من كلية الصيدلة، يعد قرارا ظالما ولا يستند على أساس قانونى، فقضت بوقف القرار المطعون فيه، والقضاء مجدداً بتحويلها من كلية العلوم، لكلية الصيدلة، لاستكمال دراستها أسوة بأقرانها.
"التوزيع الجغرافى".. لماذا؟
قبل دخول المحكمة الإدارية على خط الأزمة، لم يكن لجوء المجلس الأعلى للجامعات، واللجنة العليا للتنسيق، منذ عامين إلى إقرار العمل بنظام التوزيع الجغرافي. إلا بسبب أن نحو من 70 ألف طالب وطالبة يطلبون التحويل سنويا إلى كليات قريبة من مناطقهم الجغرافية، وفق مبررات تبدو قانونية، لكنها تنسف قواعد القبول بمكتب التنسيق، ما دعا المجلس الأعلى للجامعات للعمل بمبدأ "التوزيع الجغرافي" عند التنسيق والاعتماد عليه في ترشيح الطلاب للكليات.
ورغم رفض لجنة التعليم بالبرلمان، في 2016 لهذا المبدأ. ومطالبتها الدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي في تلك الفترة، بعرض الأسباب. التي تبين أن أهمها هو كثرة التحويلات بعد الترشيح والقبول بكليات بعينها إلى كليات قريبة مناظرة مما يعد إخلالا بقواعد مكتب التنسيق التي وضعها منذ البداية.
لكن جاء قرار الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بداية العام الجامعي الحالي بإعفاء 900 طالب وطالبة من الأوائل في شعب " علمي علوم – أدبي – علمي رياضة"، من قواعد التوزيع الجغرافي، باعتبارها ميزة تمنح ليثير التساؤلات أيضا..حول دستورية العمل بالتوزيع الجغرافي.
خبراء القانون لهم رأي
وفق تصريحات المسئولين بوزارة التعليم العالي، فإنه حتى الآن العمل بقواعد التوزيع الجغرافي سارية، ولم تشهد الفترات السابقة مناقشة أي قواعد جديدة خاصة بالتنسيق، كما أن العامين الماضيين جرى العمل بمبدأ التوزيع الجغرافي بعد أزمة طلاب كليات القمة، والتحويلات الخاصة بتقليل الاغتراب.
كما أن اجتماعات من قبل الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مع الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، حول قواعد القبول بالجامعات، وتعيدلها والوصول للنظم المثلى للتطبيق من بين نظم دول العالم، وعدم الارتكان إلى معيار مجموع الثانوية العامة. وكذلك قواعد التوزيع. لم تأت بجديد في هذا الشأن.
ومن جهته يرى، الدكتور أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات السابق، أن قرار المحكمة الإدارية العليا، هو قرار يطبق لمصلحة الشخص المتظلم نفسه، فالأحقية وفق الحكم له وحده، دون إلزامية بتنفيذه على الجميع، موضحا أن الطالب بعد الحصول على الحكم، عليه الذهاب إلى الوزارة أو اللجنة العليا للتنسيق لتقديم الحكم والمطالبة بتنفيذه.
ويوضح حاتم، لـ"كشكول" أن حكم "الإدارية" بشأن الطابة "ندي" ليس حكما عاما، ولا يطبق كمبدأ قانوني، فقرار المحكمة الإدارية في هذه الحالات "شخصي".مؤكدا أن الوزارة أما أن تنفذ القرار وهو ليس إلزاميا، أو تطعن عليه وتلجأ للاستشكال.
ويقول الدكتور أسامة حسنين، أستاذ القانون الجنائي، بجامعة القاهرة تعليقا على ذلك: القرار الإداري هو قرار تنظيمي، وليس "قانونا"، والقرار أضعف من القانون، ويجوز عليه الطعن، فهو ليس ملزما. والطالب من حقه التظلم، والمحكمة تنظر في طلب الطالب.
ويقول الدكتور عبدالله سرور، عضو هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية، ووكيل مؤسسي نقابة علماء مصر: إن فكرة تطبيق قواعـد التوزيع الجغرافي، كفكرة في حد ذاتها جيدة، لكنها تحتاج إلى تجهيزات سابقة للتطبيق بصورة جيدة، بحيث لا تتسبب في تضرر الطلاب، ومن ذلك إنشاء كليات قمة بمناطق جغرافية على مستوى الجمهورية، وعدم التقـيد بمناطق معينة.
ويشير سرور إلى أن التوزيع الجغرافي، يجعل الدولة تتخلص من تكلفة الإعاشة الجامعية" المدن الجامعية"، فهذه التكاليف الباهظة تتحملها سنويا دون داع، لافتا إلى أن المدن الجامعية حين فكرت الدولة في إنشائها كان ذلك لأسباب اجتماعية.
ويطالب "وكيل مؤسسي نقابة علماء مصر"، - كسبيل للحل- بإنشاء الكليات بجميع المناطق الجغرافية وبتخصصات الدولة في حاجة لها، بحيث لا تكون فقط هي الكليات التي يوافق عليها المجلس الأعلى للجامعات حاليا. وكذلك إعداد أعضاء هيئة التدريس بطـرق جيدة وتوفير المعامل والمكتبات والمباني والأقسام التي تستطيع الدولة الاستفادة منها.
ويؤكد سرور، أن ما يحدث الآن تكون الطلبة "الضحية"، ولذا لابد من وجود كليات قمة بمناطق موزعة بأنحاء الجمهورية، مع استقلالية الجامعات، ولذلك لعدم تضرر الطلاب وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص.
ويقول الدكتور أسامه عبدالرؤوف نائب رئيس جامعة الأزهر: إن الجامعة لها فروع في جميع أنحاء الجمهورية. لذلك تربطها قواعد خاصة بتوزيع الطلاب والطالبات على جميع الكليات.
وأضاف عبدالرؤوف، الجامعة بها كليات بالقاهرة لا يوجـد لها نظير في المحافظات الأخرى ومنها كلية الهندسة للبنات، ومن ثم فالتقيد بالتوزيع الجغرافي هنا، أمر مهم لتنظيم العملية التعليمية.
ويشير نائب رئيس جامعة الأزهر، إلى أن قبول الطلاب يتم بناء على المكان الذي أدوا فيه امتحان الشهادة الثانوية، فإذا أدى الطالب الامتحان في وجه بحري، فلا يحق له الالتحاق بإحدى كليات الصعيد.