الجامعات تدخل عصر ريادة الأعمال لمواجهة أسطورة «الوظيفة الميري»
فى إطار خطة الدولة لتطوير منظومة التعليم فى مصر، بدأت بعض الجامعات المصرية تدريس مناهج دراسية جديدة فى كليات التجارة، تتعلق بريادة الأعمال، من أجل دعم خريجيها، ليكونوا روادًا لأعمالهم الخاصة، ويملكون القدرة على الابتكار والتفكير العملى، بعيدًا عن عقلية الحفظ والتلقين، والبحث عن الوظائف الحكومية. «كشكول» يستعرض فى السطور التالية آراء عدد من أساتذة الجامعات فى هذا التوجه، وتأثيره فى مستوى الخريجين وتأهيلهم لسوق العمل، بالإضافة إلى أهم الصعوبات التى تواجه تعميم مناهج ريادة الأعمال فى الجامعات المختلفة، بما يحقق الاستفادة المرجوة منها.
«القاهرة»: تعميمه بجميع الكليات.. و«عين شمس»: مطبق بالساعات
المعتمدة
وقعت
وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، اتفاقية مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة، مؤخرًا،
لإنشاء مراكز للتأهيل الوظيفى داخل الجامعات، من أجل دعم خريجيها، والعمل على زيادة
قدرتهم على الإبداع وريادة الأعمال.
واتخذت
الوزارة عدة خطوات تنفيذية، لإنشاء عدد من «الحواضن» داخل الحرم الجامعى، لحث الطلاب
على عدم انتظار الوظائف الحكومية، والبحث عن مبادراتهم الخاصة، من أجل تحقيق ذاتهم،
مع تأهيلهم لسوق العمل القائمة على الابتكار والإبداع.
فى جامعة
حلوان، قال الدكتور يونس عقل، وكيل كلية التجارة، إن ريادة الأعمال أصبحت مطلبًا مهمًا
للجامعات المصرية، لتأهيل الطلاب على التعامل مع سوق العمل، بعيدًا عن مقررات الحفظ
والتلقين، ومسارات التعليم التقليدى، مشيرًا إلى أن دراسة مقرراته، ستساعد على نمو
القدرة على الابتكار والنقد.
وفى
عين شمس، كشف الدكتور خالد قدرى، عميد كلية التجارة، أن الجامعة بدأت بالفعل تطبيق
مقررات ريادة الأعمال وفق نظام الساعات المعتمدة، مع مساعدة الطلاب على تنفيذ أفكارهم،
باعتبارها مشروعات تخرج، مع الاستعانة بخبراء فى مجالات الصناعة والتكنولوجيا فى المحاضرات،
لتحقيق الربط بين الجانبين النظرى والتطبيقى.
وفى
جامعة القاهرة، وقع الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس الجامعة، مع وزارة التخطيط والمتابعة
والإصلاح الإدارى، بروتوكولات تعاون خاصة، حول زيادة مقررات ريادة الأعمال على مستوى
المدارس والجامعات، مع إطلاق مبادرة «رواد ٢٠٣٠»، وتنفيذ برنامج الماجستير المهنى
لريادة الأعمال، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالتعاون مع جامعة «كامبريدج» البريطانية.
وقال رئيس جامعة القاهرة، إن البروتوكول سيسهم فى تحول الجامعة إلى واحدة من الجيل
الثالث للجامعات، التى تهدف لتخريج رواد أعمال، لا موظفين، وتوظيف واستغلال المعرفة
من أجل النهوض بالمجتمع، مشيرًا إلى أنه يعمل على إيجاد مقرر دراسى لريادة الأعمال
بجميع الكليات، لتحفيز العقلية الابتكارية لدى الطلاب.
خبراء: تشجيع الإبداع أصبح توجهًا عالميًا.. وعلينا التخلص
من مقررات الحفظ
فى إطار
مبادرة «رواد ٢٠٣٠»، أطلقت وزارة التخطيط، برئاسة الدكتورة هالة السعيد، رؤيتها لربط
التعليم الجامعى وما قبل الجامعى، بمتطلبات السوق، من أجل تحقيق اقتصاد متوازن يعتمد
على المعرفة والمشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدنى، عبر التوسع
فى مجال ريادة الأعمال، بما يفتح الباب أمام الإبداع والابتكار.
ومن
الناحية الاقتصادية، يرى الدكتور سعيد توفيق، أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة عين
شمس، أن دراسة مقررات ريادة الأعمال بالجامعات أصبحت أمرًا ضروريًا، من أجل تطبيق منظومة
تعليم عملية، تساعد خريجيها فى التعامل مع متطلبات السوق.
وأكد
أن إطلاع الطلاب على النماذج الإدارية والتجارية، سواء فى المؤسسات الخاصة أو فى المصالح
الحكومية، وزيارتها بشكل متكرر، يساعدان على تأهيل الطالب للتعامل مع جميع أنواع الوظائف
والأعمال بعد تخرجه، ويساعدانه على الاستفادة من العلم النظرى، وتحويله إلى علم تطبيقى.
وعن
الصعوبات التى تواجه تدريس مناهج ريادة الأعمال فى الجامعات، قال الدكتور محمد عبدالعزيز،
أستاذ التربية بجامعة عين شمس، إن أكبر الصعوبات تتمثل فى مقررات الحفظ والتلقين، التى
تقاوم الابتكار والإبداع والتفكير النقدى، بالإضافة إلى اختلاف مفهوم الابتكار بين
الكليات العملية والكليات النظرية.
وأشار
إلى أن تغيير المقررات القديمة فى الجامعات، وتطويرها بما يتناسب مع مفاهيم ريادة الأعمال
يحتاج إلى وقت طويل، نظرًا لاختلاف التخصصات بين الكليات، وفى داخل الكلية الواحدة،
كما أن الأمر أيضًا يحتاج إلى تغيير فى اللوائح، بما يسمح بالتوسع فى تدريس هذا المجال.
وتابع:
«فكر ريادة الأعمال الذى يساعد ويؤهل الطلاب إلى سوق العمل، عبر الاستعانة بمقررات
عملية، فكرة جيدة فى ذاتها، ويعد اتجاهًا عالميًا، لكنه يحتاج إلى مناقشات مستفيضة
مع مجالس الأقسام، لوضح استراتيجيات واضحة تصلح لتطبيق هذا النوع من الاقتصاد المعرفى».