الإمام الأكبر: لا يمكن رفض التراث أو قبولها بالكامل
قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على أنه نحن حين نفرق بين الشريعة من جانب والفقه من جانب آخر لا نقصد إلى أن نستبدل به عناصر غريبة عنه: غربية أو شرقية تناقض طبيعته، وتختلف معه منطلقا وغاية، وكل ما نقصد إليه هو ما قصده أسلافنا العظام حين نظروا إلى هذا التراث في حقيقته كنتاج علمي وثقافي هائل قام بدوره المطلوب في بناء حضارة المسلمين ونشرها في الشرق والغرب، ولكنهم لم ينظروا إليه من منظور التراث المعصوم عن التغيير والتبديل.
وأوضح شيخ الأزهر، أن التراث كما إنه
ليس مقبولا كله اليوم، فهو أيضا ليس مرفوضًا كله اليوم أيضا، كما يرى المتهورون ممن
لا معرفة لهم بقيمة هذا التراث وشموخ منزلته في الخافقين، نعم تراثنا ليس كله
قادرًا على مواجهة مشكلات العصر، لكنه ليس كله بعاجز عن التعامل معها، ومن هنا
كان تركيز أسلافنا على الحركة المتجددة التي هي خاصة هذا التراث، والتي تتطلب
لاستمرار هذا التراث حيًا مؤثرًا- فيما حوله- إلغاء عناصر وإبقاء عناصر أخرى،
واستدعاء عناصر ثالثة من خارجه حسب حاجة المجتمعات الإسلامية ومصلحتها.
وأكد شيخ الأزهر أن التجديد الدائم في
التراث هو المنوط به بقاء الإسلام دينًا حيًا متحركًا ينشر العدل والرحمة
والمساواة بين الناس، والتراث حين يتخذ من" التجديد" أداة أو أسلوبًا
يعبر به عن نفسه يشبه التيار الدافق، والنهر السيال الذي لا يكف لحظة عن
الجريان، أو هكذا يجب أن يكون، وإلا تحول إلى ما يشبه ماء راكدًا آسنًا يضر بأكثر
مما يفيد، والذين يظنون أنهم قادرون على مواجهة المستجدات بمجرد استدعاء الأحكام
الجاهزة من تراث القرون الماضية، يسيئون- من حيث يدرون أو لا يدرون- لطبيعة هذا
التراث العظيم، والتي ما أظن أن تراثًا آخر عرف بها من قبل، وأعني بها القدرة
على التحرك لمواكبة الواقع المتجدد عبر خمسة عشر قرنًا، وتنزيل الخطاب الإلهي
عليه.