تواصل تسريب امتحانات الثانوية في لجنة «أبناء البهوات» بسوهاج
شهد الأسبوع الأول من امتحانات الثانوية العامة، عودة بعض لجان الامتحانات
المعروفة بـ «لجان الشغب»، بعد نجاح عدد من الطلاب بداخلها في تسريب الامتحانات
إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى محاولات الغش الجماعي.
وبرغم نجاح محاولات وزارة التربية والتعليم بشكل كبير في السيطرة على ظواهر
تسريب امتحانات الثانوية العامة، ومكافحة ظاهرة الغش الجماعي التي انتشرت في
السنوات الماضية، إلا أن بعض اللجان التي اشتهرت في السنوات الماضية بعدة
«مخالفات»، عادت للتواجد من جديد هذا العام.
ويأتي على رأس هذه اللجان، مدرسة «عبد الحميد رضوان الثانوية» بمركز «دار
السلام» بمحافظة سوهاج، التي شهدت خلال السنوات الماضية وهذا العام، تسريب
الامتحانات منها عبر استخدام طلاب لهواتفهم المحمولة في تصوير الأسئلة ورفعها على
صفحة «شاومينج» الشهيرة.
وتمكن الطالبان «حسام . ك» و«أحمد . د»، الممتحنين داخل هذه اللجنة، من
تصوير امتحان مادة «الاقتصاد والإحصاء» عبر هواتفهم المحمولة وتسريبه إلى مواقع
التواصل، في تكرار للظاهرة التي اتسمت بها المدرسة في الأعوام الماضية.
واستدعى ذلك تدخل الدكتور رضا حجازي، رئيس قطاع التعليم العام، ورئيس عام
امتحانات الثانوية العامة، الذي قرر إعفاء رئيس اللجنة من مهامه، لتقصيره في أداء
المهام المنوطة به وعدم قدرته على ضبط العملية وإحكام السيطرة داخل اللجنة.
وتسبب اصطحاب الطلاب لهواتفهم المحمولة في مشادة بين اللواء عمر عبد العال
مدير أمن سوهاج، ومدير المدرسة، بعدما لاحظ الأول أثناء جولته بمدارس المحافظة
تصوير بعض الطلاب أوراق الامتحانات أثناء فترة الاستراحة بين امتحاني «الاقتصاد»
و«الإحصاء».
وبشكل عام، يعرف مركز دار السلام في محافظة سوهاج، الذي توجد به المدرسة
بانتشار بعض الظواهر القبلية، والخصومات الثأرية، ويعد أحد أكبر مراكز المحافظة
مساحة، ما يصعب مسألة تأمين مدارسه بشكل كامل، لضبط المتسبيين في تسريب الامتحانات.
وتملك مدرسة «عبد الحميد رضوان الثانوية» تاريخا سيئا مع ظاهرة تسريب
امتحانات الثانوية، في الأعوام الأخيرة، ففي 2016، ألقت الأجهزة الأمنية في سوهاج
القبض على أحد طلابها بتهمة تسريب امتحان مادة اللغة الفرنسية إلى صفحات «شاومينج»
على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بعد مرور نصف ساعة فقط على بدء الامتحان.
وتكرر الأمر عام 2017، بعد ضبط طالب بالمدرسة يدعى «م. أ. ع»، إثر تصويره
ورقة الامتحان عبر هاتفه المحمول، ورفعها على الإنترنت.
ويطلق البعض عليها لقب «مدرسة البهوات»، نظرا لما تشهده من حركة تنقلات
كبيرة للطلاب، قبيل الامتحانات من كل عام، لجمع أبناء بعض المسئولين ورجال الأعمال
فيها، حتى يحظون بمعاملة خاصة، ويسمح لهم بالغش الجماعي بعيدا عن الأعين.
واستدعى الأمر هذا العام تدخل الدكتور طارق شوقي وزير التعليم، الذي أصدر
قرارا في فبراير الماضي يقضي بوقف تحويلات الطلاب داخل مدارس مركز دار السلام
لإيقاف هذه الظاهرة.
من جهتهم، أعرب عدد من الطلاب الذين يؤدون امتحاناتهم بلجنة «عبد الحميد
رضوان الثانوية» عن استيائهم من الاتهامات المتكررة لهم باحتراف الغش، والسمعة
السيئة التي تتسم بها المدرسة.
وقال محمد جمال، أحد طلاب المدرسة: «المراقبون يعاملوننا كمجرمين سوابق
داخل اللجان، بسبب الصورة الذهنية المأخوذة عن المدرسة»، مطالبا بضرورة تحسين طرق
التعامل مع الطلاب، لكونهم نواة المستقبل، لا مجموعة من اللصوص والمجرمين.
أما الطالب مينا أمجد، فأعرب عن أسفه بسبب تكرار وقائع التسريب، خلال
امتحانات اللغة العربية والتربية الدينية، والاقتصاد والإحصاء، مضيفاً: «الغشاشين
شّوهوا صورتنا، وهذه الممارسات غير الأخلاقية مجرد حالات فردية، لا يجب أن يتهم
بها جميع الطلاب».
ورأى الطالب أحمد رفعت، أن الطلاب الذين يؤدون الامتحانات هذا العام
باللجنة يختلفون عن غيرهم من الذين أدوا بها الامتحانات في الأعوام الماضية،
موضحاً: «نحن طلبة مدرسة (الوحدة الوطنية)، التي تشتهر بارتفاع المستوي العلمي
لطلابها».
وأضاف: «كان من المفترض أن نؤدي امتحاناتنا مثل كل عام بلجنة مدرسة دار
السلام الإعدادية، لكنهم نقلوا لجنتنا إلى هنا هذا العام، ولا علاقة لنا بسمعة هذه
المدرسة، وحالات الغش المتكررة بها».
وفي محاولة منها لمواجهة ظاهرة الغش في الامتحانات التي انتشرت في السنوات
الماضية، كشفت مصادر داخل وزارة التربية والتعليم، أن الإدارة العامة للامتحانات
اختارت هذا العام لأول مرة بعض رؤساء اللجان بشكل مركزي بعيدا عن القواعد المعمول
بها في نظم الإدارة والكنترولات.
واختص هذا القرار برؤساء اللجان المعروفة داخل الوزارة بأنها محل الشغب في
السنوات الماضية، ويصل عددها إلي حوالي 70 لجنة، منتشرة علي مستوي الجمهورية.
كما لجأت الإدارة إلى زيادة أعداد المعلمين المرشحين للمراقبة في هذه
اللجان بنسب زيادة تصل إلى 50 %، مقارنة باللجان العادية، تحسبا لاعتذار بعضهم عن
عدم تولي مهام العمل بها، نظرا لسمعتها السيئة، وهو ما حدث بالفعل من بعض
المراقبين.
وقالت المصادر: «أكبر الاعتذارات جاءت من المرشحين لشغل منصب رؤساء اللجان،
نظرا لتعرض بعضهم في سنوات ماضية إلى تهديدات من بعض أهالي الطلاب، خاصة أصحاب
النفوذ، بالإضافة إلى انتشار حملة السلاح في المناطق المحيطة باللجان، وتلقيهم
تهديدات بالاعتداء الجسدي، بسبب تشددهم في المراقبة».
وأرجع الدكتور رضا حجازي، رئيس امتحانات الثانوية العامة، تكرار ظاهرة لجان
الشغب إلى المناطق التي تتواجد بها هذه اللجان، نظرا لاحتياجها إلى إجراءات أمنية
مشددة، وهو ما لا يمكن توفيره في بعض المناطق بالكيفية المطلوبة.
وأشار إلى أن الوزارة استحدثت هذا العام عدة أساليب لمكافحة حالات الغش
الجماعي، منها تركيب بعض الكاميرات داخل اللجان، والفصول، ورصد حالات التطابق في
كراسات الإجابة، وتحويلها إلى لجان خاصة للتصحيح، بالإضافة إلى مراقبة محيط
المدارس، لمنع ظاهرة الغش الجماعي عن طريق مكبرات الصوت.