معسكر قادة المستقبل بجامعة القاهرة يواصل فعالياته في نسخته الرابعة
استضافت جامعة القاهرة، صباح اليوم، الكاتب الصحفي أكرم القصاص، للحديث عن "بناء الإنسان وتطوير العقل المصري" وذلك ضمن النسخة الرابعة من معسكر قادة المستقبل الذي تنظمه الجامعة للطلاب في إطار مشروع جامعة القاهرة الذي وضعته منذ أغسطس 2017 لتطوير العقل المصري وبناء جيل جديد من الشباب يمتلك عقلًا علميًا نقديًا واعيًا لديه القدرة على المساهمة في نهضة وطنه ليكون في مصاف الدول المتقدمة.
حضر اللقاء المفتوح، الدكتور عبد الله التطاوي مساعد رئيس الجامعة للشؤون الثقافية، ونواب رئيس الجامعة، وعمداء الكليات ووكلاؤها ومستشارو رئيس الجامعة، وأعضاء هيئة التدريس والعاملون والطلاب.
وفي مستهل اللقاء، رحب الدكتور عبد الله التطاوى مساعد رئيس جامعة القاهرة للشؤون الثقافية بالكاتب الصحفى أكرم القصاص، مشيرًا إلى أن القصاص سبق وشارك في معسكرات بناء قادة المستقبل بجامعة القاهرة قبل توقفها بسبب جائحة كورونا، ويشارك اليوم في النسخة الرابعة من المعسكر تحت عنوان "بناء الإنسان وتطوير العقل المصري" والذي يمثل المشروع الثقافى الأساسى بجامعة القاهرة وهو المشروع الذي تتبناه الدولة الوطنية بحكمة واقتدار وحرص وتخطو فيه خطوات متسارعة من خلال عدد من المشروعات الثقافية والفكرية التي تستهدف تطوير الوعي.
وأضاف الدكتور عبد الله التطاوي، في كلمته الافتتاحية، أن قضية المجتمع وبناء الإنسان تتعدد مداخلها، مشيرًا إلى أن تطوير العقل المصري مشروع تبناه الدكتور محمد الخشت على مدار 3 سنوات وتم تخريج ما يقرب من 2000 طالب من المعسكر لتغيير منظومة التفكير لدى الطلاب وتعليمهم كيفية التفكير في المستقبل والتعايش مع الواقع.
وأوضح الدكتور عبد الله التطاوي، أن جامعة القاهرة تتعامل مع ما يقرب من ربع مليون طالب وتتيح لهم فرصة التعليم والتعلم والتثقيف في ظل المشكلات العصرية لتغطية احتياجات فعلية لهذا الجيل المكثف بفكره الجديد، لافتًا إلى أن هذا العدد الضخم للطلاب يمثل تحديًا كبيرًا أمام جامعة القاهرة ولكن مجلس الجامعة بقيادة الدكتور الخشت يتجاوز كل هذه التحديات ويخرج بكم من المشروعات ويواكب المنظومة الإلكترونية مثل منصة البلاك بورد والتعليم الإلكتروني والاختبارات الإلكترونية.
من جانبه، قال الكاتب الصحفي أكرم القصاص، إن جامعة القاهرة لها رمزية في تاريخ العقل المصري والعربي والعالمي، حيث أطلقت العديد من الأفكار التي ساهمت في تغيير المجتمع وتغيير الوعي والفكر، وخرج من جامعة القاهرة أسماء كبيرة لها ثقل مثل طه حسين وأحمد لطفي السيد وغيرهم الكثير من المفكرين والعلماء، مشيرًا إلى أن حجم المعرفة التي يمتلكها الإنسان الآن أضعاف ما كان يمتلك أجدادنا.
ولفت القصاص، إلى أن حجم الإنجاز الذي قدمه القدماء في العديد من المجالات مثل الهندسة والتخطيط والكيمياء، كان ضخما ومثّل تطويرا كبيرا، مؤكدًا إبداع المصريين في هذه المجالات الهندسية والكيمياء وعلوم الفلك، وهو ما نجد آثاره في كل مكان، حيث بقيت الإنجازات المصرية موجودة عبر التاريخ وشاهدة على وجود الحضارة، بما يعني أن الحضارة يبنيها العقل وليس الجسد، حيث انتقل الإنسان من عصر الفرائس إلى الزراعة ثم الصناعة، وأن الإنسان لم يعمل على الثقافة والعلم فقط لكن عمل أيضا على القانون والقواعد العامة التي تحكم البشر والقيم والسعادة، والتي بدونها لن تتحقق الحضارة.
وأضاف القصاص، أن وجود المدونات على جدران المعابد المصرية يسجل فكرة العدالة والأدب والشعر، ويدل على وجود أوقات فراغ وترفيه لدى المصريين القدماء.
وأكد، أن بناء الحضارة لا يرتبط بالمبانى المادية فقط لكن أيضا فكرة الفلسفة والتفكير العلمي والحضارة والتقاليد، موضحًا أننا على مدار التاريخ تميزنا بموقع جغرافي فريد، وأننا ملتقى الحضارات والثقافات الأفريقية والآسيوية والبحر المتوسط، ومطمع الغزوات، وأن مصر كانت دائما الدولة الأكثر تأثيرا على الدول التي استعمرتها.
وتابع،
أن الخبر في القرن ال 21 أصبح عمره نصف دقيقة، وأصبح يوجد إمكانية لإتاحة أخبار العالم
أجمع بشكل لحظي أمام القاريء، مشيرًا إلى أنه رغم ذلك فإن هذا الجيل يواجه صعوبة في
هذا العصر ويحمل مسؤولية كبيرة على أكتافه لبناء المستقبل، موضحًا أن ظهور الإنترنت
يمثل قوة ضخمة وتحول حقيقي.
ولفت القصاص، إلى أنه في الماضي كان يتم تبادل الثقافة من خلال التعليم في الكتاتيب، وكانت فكرة انتقال الأخبار أقل تعقيدا، موضحا أنه مع الموجة الثالثة لتكنولوجيا المعلومات تغير شكل المجتمع، متسائلا: هل نصل لمرحلة القدرة على التفرقة بين الخبر والشائعة وإمكانية الوصول لإجابات صحيحة؟، مؤكدًا وجود حركة كبيرة لإتاحة المعلومات ولكن هل يكتفى بها الإنسان لتحديد مساره؟، وكيف يختار حياته ومستقبله ونظرته للمستقبل؟.
وأضاف القصاص، أن وجود 70 مليون مصري على مواقع التواصل الاجتماعي، ويستخدمها 4.8 مليار نسمة على مستوى العالم، مؤكدا أن أدوات التواصل الاجتماعي بشكل عام تتيح إمكانية التعرف والتواصل بشكل مباشر مع ما يحدث في العالم.
وأكد أن الجيل الحالي قادر على صناعة المستقبل بمعرفته وأدواته، وأن الانسان هو الذي يصنع الحضارة بأفكاره، حيث أن العقل هو القادر على صناعة الحضارة في جميع العصور، موضحا وجود بعض الدول لديها ثروات تنتظر الآخر وتتحول لمجرد مواد خام لإفتقادها القدرة على التفكير وطرح الأسئلة.
وأوضح القصاص، أن مصر بعد 8 سنوات حدث بها تحول وتغير بدرجة كبيرة، لافتا إلى أن الدول لا يمكن أن تنهض دون إدراك مشكلاتها الفعلية من خلال التفكير النقدي، مضيفا أن جيل الشباب الحالي محظوظ لأنه يعيش عصر به أدوات تكنولوجية، لكن يوجد بعض الإرباك وعدم القدرة على إقامة حوار حقيقي، وهو ما نعمل على التغلب عليه من خلال فكرة المعسكرات ودعم لغة الحوار الحقيقي التي تساهم في انتقال الأفكار البناءة إلى المجتمع.
ونصح الطلاب بالقراءة والتثقيف، مشيرا إلى أن هذا الجيل محظوظ لوجود ثقافة مرئية ومسموعة، واتاحة المكتبة بسهولة بين أيديهم، بما يساهم في بناء العقل بشكل سليم ليصبح قادرا على التمييز بين الخطأ والصواب وانتقال الأفكار الايجابية البناءة إلى المجتمع، مشيرا إلى أن المجتمع المصري تراجعت فيه فكرة الثقافة وجاءت محلها أفكار مجموعة من الجهلاء وناشري التعصب وبث الطاقة السلبية بما يشعل المجتمع، وهو ما تعرضت له مصر من محاولات لتحويلها إلى نموذج فاشل، مؤكدًا أن مصر بقواها الناعمة وقدرتها على التجديد وتوليد الأفكار وإنتاج الحوارات، بما يساهم في التغلب على الأفكار الهدامة والخرافات وفقد الثقة بالنفس والفشل.
وأوضح القصاص، أن موقف مصر الدولي والإقليمي كان ضعيفا ويفتقد النفوذ وانتشار فيروس C وانقطاع الكهرباء، إلا انها استطاعت منذ ٨ سنوات ان تستعيد قوتها وشهدت مشروعات ضخمة في الطرق والكهرباء، وتوفير حياة كريمة، وتطوير للقرى، وتم علاج مرضى فيروس C بالمجان.
وأكد، أن أي تطوير مرتبط بالتفكير، وأن بناء مجتمع حديث يحتاج إلى عقول واعيه، وبشر قادرين على إدارة الدولة بالتكنولوجيا وغيرها من أدوات البناء والتطوير، مشيرا إلى أهمية تطوير الخطاب الديني والاهتمام بالفئات التي كانت مهمشة مثل العشوائيات وانتقالهم إلى مناطق حضارية.
وأوضح ضرورة أن يكون الإنسان لديه القدرة على التفرقة والتفكير العلمي النقدي الذي يبني المستقبل والذي يدخل في كل تفاصيل الحياة، مؤكدا أهمية فكرة المساواة وتكافؤ الفرص وتغيير المناهج في بناء الإنسان وبناء معرفة تراكمي والتوسع في التخصصات الجديدة وربط التعليم بإحتياجات سوق العمل وإتاحة المعرفة للناس وإتاحة ظروف جديدة للعمل، مشيدا بدور جامعة القاهرة في وضع قواعد لبناء الإنسان بكل هذه الجوانب.
وأشار، إلى توجه الاهتمام في مصر في الفترة الحالية للعديد من المجالات، من بينها تطوير التعليم، وتوفير وظائف، وعمل مبادرات طبية مختلفة، والتوسع في الجامعات، وتطوير المجتمع المدني، مؤكدا أن مصر الآن أصبح لديها القدرة على المنافسة عالميا، موضحا أن الزيادة السكانية تمثل ثروة بشرية في حالة وجود فرصة لكل فرد في التعليم والعمل والصحة.
وتابع القصاص،
أن أي خبر يمكن أن يغير مصير دول بأكملها، مثل موضوع فيروس كورونا الذي غير سلوكيات
النشر، وأوقف السياحة والطيران، وفرض نظام التعليم عن بعد، وثقافة التباعد، مؤكدا أن
مصر كان لديها القدرة على مواجهة هذا الفيروس، وانها تعتبر من الدول المتوسطة في عدد
الإصابات لإمتلاكها طواقم طبية تحدت هذا الفيروس، حيث تعاملت معه بشكل احترافي ووجدت
استقرار في الحياة والأسواق، وهو ما ساهم في إعادة الثقة، حيث أصبح لدى الدولة المصرية
القدرة على التعايش والنجاح وتحقيق الإنجازات والتطورات المختلفة.