إلغاء قرار رئيس جامعة بنها بمجازاة أستاذة الاقتصاد المنزلي
قضت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة حكمها بقبول الطعن رقم 24 لسنة 55 قضائية عليا شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس جامعة بنها فيما تضمنه من مجازاة الدكتورة «إ ا»، أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد المنزلى بكلية التربية النوعية بعقوبة اللوم، وألزمت الجامعة المصروفات، بعد ثبوت بطلان التحقيق وإخلاله بضمانات جوهريّة كانت لازمةٌ لصحّته، وصدور القرار معيبًا مخالفًا للقانون غير قائم على سند صحيح يحمله.
وقالت المحكمة فى أسباب حكمها أن المطعون رئيس جامعة بنها كان قد تلقّى شكوى الدكتور أحمد عبدالفتاح علي، الأستاذ المساعد بكلية التربية النوعية بجامعة بنها، والتي تضرر فيها من الطاعنة وأُخرى لتقدّمهما بشكوى كيدية ضدّه باتّهامه بالاستيلاء على مبالغ مالية تخصّهما عن المشاركة في لجان البتّ والفحص لعملية شراء أجهزة وأدوات علمية لقسم الاقتصاد المنزلي بالكلية، الأمر الذي ترتّب عليه إحالته لمجلس التأديب ومعاقبته بعقوبة التنبيه، والتي تم إلغاؤها بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 59470 لسنة 62 ق ع، ملتمسًا فيما تقدّم الإضرار بسمعته ومركزه العلمي بالكلية وبلوغ مبلغ السب والقذف.
وأحال رئيس الجامعة الشكوى للتحقيق، الذي بوشر من خلال استدعاء المشكو في حقّهما الطاعنة لجلسة تحقيق مشتركة حيث سألهما المحقق مباشرةً عن أقوالهما حيال ما ورد بالشكوى، فطلبتا التأجيل لحين سماع أقوال الشاكي وشهوده المزمع حضورهم، وعقد المحقق جلسة مشتركة أيضًا حضرها المشكو في حقّهما سويًّا، حيث كرّرا طلبهما المُبدى منهما بالجلسة السابقة، وبجلسة التحقيق استقبل المحقق الشاكي، والذي طلب ردّ المحقق لأسبابٍ أبداها بالجلسة.
ثم استقبل المحقق بذات التاريخ وكيل الطاعنة دون حضورها فشرع في طلب أقواله حول ما نُسب للطاعنة وزميلتها في الشكوى آنفة البيان، فدفع وكيل الطاعنة بكيدية الشكوى وعدم جواز التحقيق فيها لسبق حفظ الشكوى المقدمة من نفس الشاكي وبذات المضمون، فاكتفى المحقق بما تقدّم وأعد مذكرته التي ارتأى في ختامها معاقبة الطاعنة وزميلتها بعقوبة اللوم استنادًا لثبوت المخالفات قبلهما.
وكان التحقيق والحالة هذه قد شابه الخلل الجليّ والقصور الشديد والعصف البيّن بحق الطاعنة في الدفاع، إذ هو بداءةً وبما يكفي لإبطاله قد جمع بين الطاعنة وزميلتها "المشكو في حقّهما" لجلستي تحقيقٍ مشتركتين بالمخالفة لضمانةٍ أوليّةٍ وبديهيّةٍ جوهرها خصوصية وانفرادية التحقيق بما يضمن للمُحال الطمأنينة والاستقلالية والحريّة والاسترسال في إبداء أوجه الدفاع أو الدفوع أو التعقيب أو التبرير أو حتّى الإقرار بالاتهام، تلك الأمور التي يحول دونها جميعًا الجمع بين المحالين في جلسة تحقيقٍ واحدة.
كما عاب التحقيق أيضًا إغفال المحقق لطلب المشكو في حقّهما الإدلاء بأقوالهما بعد سماع الشاكي والشهود ليكون تعقيبهما متكاملًا، بل هو لم يستدع ثمّة شهود للواقعة، كما لم يستمع لأقوال الشاكي تفصيلًا وأوجه وعناصر شكواه وتضرّره اكتفاءً بما قرّره هذا الأخير من ردّ المحقق لعدم ارتياحه له، فلا المحقّق بحث طلب الردّ ولا أعمل موجباته، ولا هو استكمل بحث عناصر الشكوى تفصيلًا، كما لم يستعرض المحقق في أوراقه مضمون الشكوى المنسوب للطاعنة وزميلتها التطاول بموجبها على الشاكي أو استعراض أوجه تجاوزها للحدود المقررة لحق الشكوى المكفول دستوريًّا، كما كشف في مذكرته عن إخفاقه في استيفاء أوراق كان يراها لازمة للتحقيق.
وأغفل التحقيق مسألةً جوهريّة كان واجبٌ تقصّيها، ذلك أنّه لم يستعرض دون المذكرة الموضوعة بشأنه ما تعلّق بالتحقيق السابق بخصوص الشكوى رقم 720 لسنة 2016، والمنتهية بالحفظ، والتي قرر وكيل الطاعنة أنها تعلّقت بذات الأطراف والمضمون وقدّم للمُحقق صورةً منها 2019، فلم يتناولها المحقق في التحقيق أو يكشف عن الوقائع الجديدة التي حوتها الشكوى محل التحقيق وكانت سندًا للعدول عن قرار الحفظ، اكتفاءً بما أورده بمذكرته من أن حفظ الشكوى السابقة كان في ضوء إدانة الشاكي أمام مجلس التأديب.
وأن تحقيق الشكوى الماثلة قد استند لتبرئة الشاكي أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو ما لا يُستساغ إذا ما تطابقت الشكويان سندًا للرجوع عن قرار الحفظ السابق، باعتبار أن مناط الشكوى في جميع الأحوال هو إخلال الطاعنة بواجبات وظيفتها ومقتضياتها، وهو ما يجد مجاله في بحث واستقصاء تجاوز الطاعنة وتعدّيها لحدود حق الشكوى، ولا يمتّ لتبرئة الشاكي أو إدانته بثمّة صلة.
وكان نتاج ما تقدّم لا يعدو أن يكون تحقيقًا مبتسرًا خاويًا من ثمّة استعراض لتفاصيل الشكوى أو عناصر الإضرار بالشاكي وبسمعته ومركزه العلميّ، أو لأوجه مخالفة الطاعنة لواجبات وظيفته وخروجها على مقتضاها، خاليًا من مواجهة حقيقية للطاعنة بما نُسب لها وعناصر إخلالها وتفنيد أوجه دفاعها.