اختيار القيادات «كابوس» يؤرق الجامعات.. أساتذة يضعون مقترحاتهم وتحفظات على عودة «الاقتراع»
اختيار القيادات.. تعد مسألة اختيار القيادات الجامعية، منذ أن تم تعديل النص الخاص بالتعيين فى قانون تنظيم الجامعات بعد ثورة يناير 2011، من الأزمات المزمنة التي تؤرق الوسط الجامعي، في ظل ما تشهده من تعديلات مستمرة للنظام الجديد، مع تجدد الأزمات بالبدء في إجراءات اختيار رؤساء الجامعات.
إعادة إجراءات الترشح لرئاسة الجامعات:
كانت لجنة اختيار القيادات الجامعية، قد قررت إعادة إجراءات الترشح مرة أخرى بعد إعادة تشكيل اللجنة المختصة لاختيار رئيس جامعتي المنوفية والأقصر ، بناءً على موافقة الدكتور وزير التعليم العالي والبحث العلمي على التقرير المرفوع من الدكتور منصور حسن رئيس جامعة بني سويف ورئيس اللجنة المشكلة لاختيار القيادات الجامعية ، لإعادة الإجراءات الخاصة باختيار أعضاء اللجنة المرشحين من قبل مجلس الجامعة.
قرار الوزير بشأن شروط ومعايير اختيار القيادات الجامعية:
اعتمد المجلس الأعلى للجامعات، برئاسة الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، التقرير المقدم من اللجنة المشكلة لمراجعة مشروع قرار وزير التعليم العالي بشأن شروط ومعايير اختيار القيادات الجامعية.
ونص القرار على أن تشكل اللجنة المختصة بترشيح المتقدمين لشغل وظيفة رئيس الجامعة بقرار من الوزير المختص بالتعليم العالي بعد موافقة المجلس الأعلى للجامعات على النحو الآتي:
- عضوان يختارهما الوزير المختص بالتعليم العالي من العلماء البارزين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة العلمية.
- 4 أعضاء يرشحهم المجلس الأعلى للجامعات من ذوي الخبرة في مجال التعليم الجامعي والإدارة، على أن يكون من بينهم أحد رؤساء الجامعات والذي تسند إليه رئاسة الجامعة.
- 3 أعضاء يرشحهم مجلس الجامعة المعنية من بين رموز الجامعة ممن سبق لهم تقلد مناصب عامة أو إدارية ولهم الخبرة في مجال التعليم الجامعي والإدارة، بالنسبة للجامعات التي لم يمض على إنشائها عشرون عاما يجوز لمجلس الجامعة اختيارهم من الجامعات الأخرى.
على أن ترشح كل جهة مرشحا احتياطيا لعضوية اللجنة يحل محل المرشح الأساسي لها حال غيابه في إحدى جلساتها أو وجود مانع يمنعه من الاشتراك في أعمال اللجنة، ويحدد القرار الصادر بتشكيل اللجنة ميعادا ومقر انعقاد أولى جلساتها.
اعتماد أول نظام لاختيار رؤساء الجامعات بالانتخاب
تم اعتماد أول نظام لاختيار رؤساء الجامعات بالانتخاب عن طريق المجمع الانتخابي، وعمداء الكليات بالانتخاب عن طريق الاقتراع السري المباشر، في أعقاب ثورة يناير 2011، وصدر القرار بقانون رقم 52 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، حيث تم تغيير نظام اختيار رؤساء الجامعات من الانتخاب إلى التعيين، ليكون بقرارات صادرة عن رئيس الجمهورية، وبعد العرض من وزير التعليم العالي. ويتم التعيين من بين ثلاثة أساتذة تُرشحهم لجنة متخصصة على ضوء تقديمهم مشروع تطوير للجامعة، وامتد التعيين كذلك إلى مناصب عمداء الكليات والمعاهد، ليكون بقرار من رئيس الجمهورية، بناء على عرض وزير التعليم العالي، من بين ثلاثة أساتذة ترشحهم لجنة متخصصة في ضوء مشروعٍ لتطوير الكلية أو المعهد، يتقدم به طالب الترشيح.
اعتراضات أعضاء هيئات التدريس
اعترضات ومطالب كثيرة نادى بها أعضاء هيئة التدريس، على مواد القانون، والتأكيد أنها لم تأت بأي جديد ولم تتضح لهم كيفية اختيار القيادات الجامعية بكفاءة، وأن القانون الجديد لاختيار القيادات الجامعية فيه شبهة تدخل من الجهة التنفيذية المتمثلة في وزارة التعليم العالي بإشراك واختيار بعض ممثلين لها في هذه اللجان، وهو ما ينبغي تداركه درأ للشبهات رغم ثقتنا في النوايا الطيبة للوزارة في ضبط أكثر توازنا لتشكيل هذه اللجان، كذلك طريقة اختيار الأعضاء أبعدت كثيرا بين أصحاب الشأن وهم الأساتذة العاملين بالجامعة وجعلتها مفتوحة لأصحاب لشأن والنفوذ من خارج الجامعات.
قال الدكتور عبدالباسط صديق، أستاذ التربية الرياضية جامعة الإسكندرية، إن مشكلة اختيار القيادات الجامعية وبخاصة رؤساء الجامعات فى النظام المعتمد حاليا على تقدم المرشحين التى تنطبق عليهم شروط الترشح وبعد موافقة الجهات الأمنية، وأيضا تقدم كل مرشح منهم بخطة مفصلة لكيفية النهوض بالجامعة و تطويرها من النواحى الإدارية والمالية والعلمية، ويتم عرض تلك الخطط أمام لجنة مشكلة من المجلس الأعلى للجامعات لمقابلة المرشحين والاستماع ومناقشة الخطط المقدمة منهم، وينحصر قرار اللجنة فى ترتيب ثلاثة من المرشحين ويرفع القرار إلى الوزير المختص لعرضه على رئاسة الجمهورية لإصدار القرار لمن يرى فيه أنه الأصلح للمنصب.
وأضاف صديق، في تصريحات خاصة لـ«كشكول»، أن النظام والأسلوب الطريقة الحالية لاختيار القيادات الجامعية يبدو للوهلة الأولى أنه نظام جيد ويراعى المصلحة العامة، ولكن عند التدقيق والتحليل تبدو الطريقة أنه تحتاج إلى مزيد من التعديل، موضحا أن الطريقة الحالية هى طريقة فوقية وتتحكم فيها العلاقات الشخصية أكثر بكثير من الكفاءة والأحقية بالمنصب، فمثلا النظام الحالى يكتفى بموافقة جهات معينة ( وهذا أمر مهم ) و موافقة اللجنة على ثلاثة مرشحين وترتيبهم تنازليا ورفع الأمر للوزير ، وبذلك لا يوضع فى الاهتمام مدى تجاوب عمداء الكليات مع القيادة الجديدة، ولا يوضع فى الاهتمام الخبرات الميدانية و الإدارية والمالية السابقة ، وكل هذه الأمور تتحكم بشكل مباشر فى مدى تحقيق الأهداف المرجوة من رئيس الجامعة.
واعتبر أن إهمال رؤي وأصوات أعضاء هيئة التدريس فى اختيار رئيس جامعتهم لا يعبر عن الرضا الوظيفي فيمن يكون عليهم رئيسا (مع أن منصب رئيس الجمهورية نفسه يكون بأصوات المواطنيين اللذين يرأسهم رئيس الجمهورية)، ولذلك من الأهمية إعادة دراسة هذا الموضوع لتلافي أوجه القصور فيه و وضع نظام يكون أكثر عدالة ويكون لاعضاء هيئة التدريس وعمداء الكليات دورا ما فى اختيار قيادتهم ويكون ترتيب المرشحين الثلاثة بناء على اختيار أعضاء هيئة التدريس و عمداء الكليات ثم يرفع هذا الاختيار إلى السلطات العليا لتصدر القرار لمن تراه مناسبا من المرشحين الثلاثة.
مقترحات لاختيار القيادات بالجامعات
الدكتور محمد كمال، الأستاذ بجامعة كفر الشيخ، طرح عددا من المقترحات بشأن اختيار القيادات الجامعية سواء رئيس جامعة أو عميد كلية، في ظل الأزمات المتكررة من وراء اختيار القيادات و تعدد اللجان وإعادة إجراءات الترشيح بعدد من الجامعات، بأن يتم اختيار رئيس الجامعة مباشرة من رئيس الجمهورية، وأن يكون اختيار عميد الكلية من سلطات رئيس الجامعة واختياره كون هذا العميد الجديد للكلية يعمل تحت قيادة رئيس الجامعة المعلن اختياره وهو ما يساعد في وجود بيئة عمل صالحة للإنتاج العملي والبحثي والمشاركة مع الدولة في مجابهة كافة التحديات بمختلف المجالات.
وأضاف كمال، في تصريحات خاصة لـ«كشكول»، أن هناك إشكاليات كثيرة في آليات والمعايير التي يتم وضعها لاختيار القيادات الجامعية، مشيرا إلى أنه فور إعلان الآليات والمعايير ينظر لها أنها تحقق الصالح العالم والبحث عن كوادر وقيادات جامعية تريد التقدم بالمجتمع الأكاديمي، لكن يظهر عكس ذلك وتحقيق مصالح الآخرين وتفريغها من مضمونها.
وقارن أستاذ الأخلاق بجامعة كفرالشيخ، حال الجامعات في اختيار القيادات الجامعية بأندية الكرة، مؤكدا أن رئيس النادي هو من يختار المدير الفني للفريق ثم يترك له الحرية في اختيار قراراته في قيادة الفريق، مؤكدا أن الجامعات ليست أقل من أندية القرار في تطبيق ذلك والعمل على توافر مناخ كبير من الهدوء لتحقيق النفع للجامعات.
وأشار كمال، إلى أن معظم الجامعات حاليا تشهد صراعات بين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، وهو نتجية التدخل في عمليات الاختيار والتوصية باختيار أشخاص معينة سواء لرئاسة الجامعة أو عمادة الكلية وهو ما نيتج عنها صراعات دائمة تنتهي في النهاية بوجود خلافات وأزمات لابتعاد أحد منهم عن الترشح لرئاسة الجامعة.
وشدد عضو هيئة التدريس، على رفضه فكرة العودة لنظام الاقتراع واختيار رئيس الجامعة، مؤكدا أنها تجربة أثبتت فشلها أفرزت علاقات وتجمعات وتكتلات أضرت بالجامعات خلال تطبيقها في فترة من الفترات.