الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أزهر

كلمة وزير الأوقاف في افتتاح المؤتمر الدولي الرابع والثلاثين

كشكول

رحب الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بضيوف مصر الكرام من الوزراء والمفتين والعلماء والمفكرين، ناقلًا لهم جميعًا تحيات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وتمنياته للمؤتمر وللحضور جميعًا بكل التوفيق، كما وجه كل الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية على تفضله برعاية هذا المؤتمر.


وهذا نص كلمته:
يسرني أن أرحب بحضراتكم جميعًا وأن أشكركم على تلبية دعوتنا لحضور هذا المؤتمر وأبلغ حضراتكم جميعًا تحيات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وترحيب سيادته بحضراتكم جميعا، وتمنياته لمؤتمرنا هذا بكل التوفيق.
وأتوجه بكل الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية (حفظه الله) على تفضله برعاية هذا المؤتمر، سائلا الله (عز وجل) أن يوفق سيادته وأن يسدد خطاه، وأن يجزيه خير الجزاء عن اهتمام سيادته بعمارة بيوت الله (عز وجل) مبنى ومعنى، حيث بلغ عدد المساجد التي تم افتتاحها في السنوات العشر الأخيرة عشرة آلاف وخمسمائة وثلاثة وخمسين مسجدًا، كما نشكر سيادته على اهتمام وتوجيه سيادته بالعمل المستمر على تحسين أحوال الأئمة ماديًّا ومعنويًّا، وإكرامه لأهل القرآن.
وبــعــد:
ففي عصر المعلومات، من يملك المعلومة يملك القوة، والسيطرة على الفضاء الإلكتروني فكريًّا لا تقل أهمية عن السيطرة عليه علميًّا أو عسكريًّا.
والأدوات والوسائل لا يمكن الحكم عليها في ذاتها بالقبول المطلق أو الرفض المطلق، فالسكين التي تقطع وتذبح لا غنى عن منافعها، والسلاح الذي يفتك ويقتل لا غنى عنه لحماية أمن المجتمعات والأوطان والدفاع عنها، وحتى القلم فإنه قد يكون وسيلة هداية ورشاد أو آلة هدم أو قذف أو سباب، وهذا هو الحال نفسه في سائر وسائل الاتصال الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء وسائر التقنيات الحديثة التي يمكن أن نستخدمها في كل ما يخدم العلم، والدعوة، والبشرية، كما يمكن استخدامها للهدم على نحو ما يفعل أهل الشر.
وقد ضرب لنا نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) أعظم المثل في استخدام مهارات التواصل الدعوي بمختلف أنواعها، للنفاذ إلى عقل المتلقي وقلبه، وإثارة اهتمامه وانتباهه، ومن هذه المهارات: استخدام لغة الجسد الرصينة المتزنة، كتغيير وضع الجسد لإثارة الانتباه، والإشارة إلى القلب أو اللسان، واستخدام لغة الأرقام، والرسم التوضيحي، والأمثلة التوضيحية، كما استخدم (صلى الله عليه وسلم) أسلوب الإلغاء لتنشيط أذهان السامعين.
ونوَّع (عليه الصلاة والسلام) وسائل وأساليب الدعوة ما بين الحديث الشريف، والخطبة، والموعظة، والوصية، والرسالة، بما يؤكد حرصه (صلى الله عليه وسلم) على إبلاغ الرسالة بلاغًا مبينًا، وإقامة الحجة واضحة وبيِّنة جلية لا لَبْسَ فيها بكل الوسائل والأساليب المتاحة في عصره (صلى الله عليه وسلم)، وهو ما يُحمِّلنا أمانة الاقتداء به (صلى الله عليه وسلم) باستنفاد وسعنا في استخدام وسائل التواصل وسائر التقنيات الحديثة المتاحة في عصرنا لإبلاغ رسالة ديننا بلاغًا مبينًا.
ويتناول هذا المؤتمر جوانب مهمة في الفضاء الإلكتروني والتطور التكنولوجي، وما يرتبط بهما أو يدور في فلكهما من وسائل ذات أثر بالغ في بناء الوعي بصفة عامة، وقضايا الخطاب الديني بصفة خاصة؛ مما يتطلب الوقوف عندها بدقة لتعظيم الإفادة من إيجابياتها، وتفادي مخاطرها، والتغلب على تحدياتها، وبخاصة ما يتصل بتقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في خدمة المجال الدعوي، مؤكدين أنه إضافة إلى كل الوسائل القائمة من الدعوة المباشرة أو الافتراضية، وليس بديلًا عن أي منهما.
وختامًا أؤكد: 
 

1. أن القيم الأخلاقية والإنسانية والشخصية السوية لا تنفصم سواء في الواقع الحياتي أم الافتراضي، فالصدق صدق حيث كان، والكذب كذب حيث كان، والغمز واللمز منبوذان حيث كانا واقعيًّا أم افتراضيًّا، مما يستدعي اهتمامنا البالغ بالتنشئة الإيمانية والأخلاقية الرشيدة؛ لنحمي أبناءنا وشبابنا من مخاطر الاستهداف لدينهم أو قيمهم أو ولائهم وانتمائهم الوطني.
2. أننا ننظر إلى استخدام وسائل التواصل الإلكتروني والتقنيات استخدامًا رشيدًا لملء الفراغ في هذا المجال وعدم تركه للمتطرفين أو العابثين على أنه واجب الوقت وأنه من فروض الكفايات.
3. نؤكد على أهمية التزام الموضوعية في طرح الرؤى العلمية في إطار محاور المؤتمر وعدم الزج بأي قضايا سياسية أو أيدلوجية أو خلافية تحيد بنا عن الأهداف الموضوعية للمؤتمر، فلكل مقام مقاله، آملين أن يكون مؤتمرنا هذا سبيلًا للاجتماع على كلمة سواء فيما يخدم ديننا وأوطاننا ومصالحنا المشتركة والإنسانية جمعاء، وتوظيف الفضاء الإلكتروني في دعم قضايا التسامح الديني، وترسيخ أسس العيش المشترك والسلام العالمي.
ولا يفوتني أن أشكر كل الجهات المشاركة في هذا المؤتمر علميًّا أو أكاديميًّا أو حضورًا من الداخل والخارج، كما أشكر الهيئة العامة للكتاب على سرعة استجابتها في إصدار بحوث المؤتمر في كتابين من سلسلة (رؤية)، تلك السلسلة التي بلغت إصداراتها مائة وثمانين إصدارًا عربيًّا ومترجمًا، بالتعاون بين وزارة الأوقاف ممثلة في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ووزارة الثقافة ممثلة في الهيئة العامة للكتاب، وذلك بمعدل إصدارٍ أسبوعيّ، يأتي ذلك في ضوء عنايتنا بالتأليف والترجمة والنشر، ولاسيما في قضايا التجديد، حيث بلغ إجمالي إصداراتنا الجديدة في السنوات العشر الأخيرة أربعمائة وخمسة وأربعين إصدارًا، تجاوز توزيع العديد منها ما بين خمسين إلى سبعين ألف نسخة بيعًا، فضلًا عن الإهداءات التي تقدم للمؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية بالداخل والخارج، وفضلًا عن مجلتين شهريتين يصدرهما المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعشرات الكتب العلمية والتراثية والموسوعات، وترجمات معاني القرآن الكريم التي تعاد طباعتها دوريًّا.