الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أزهر

أزهري يرد على الجمعية الأمريكية للطب النفسي بتضامنها مع الاحتلال

كشكول

 

قال الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي جامعة الأزهر، في الرد على بيان الجمعية الأمريكية للطب النفسي،  نحن كمهنيين وكأطباء نفسيين نهتم أساسا بالجوانب العلمية والتقنية التي ترتقي بمهنتنا لرعاية المرضى النفسيين والإرتقاء بجودة الحياة وتحقيق الرفاه لكل البشر دون تمييز، ولهذا انزعجنا حين قرأنا بيان الجمعية الأمريكية للطب النفسي تعليقا على الأحداث الدائرة في إسرائيل وغزة حيث بدا في البيان تحيزا عنصريا واضحا للجانب الإسرائيلي.

وتابع: ووعدا بالتعاطف والمساندة الدائمة وغير المشروطة لليهود (دون سواهم) في إسرائيل وفي كل مكان في العالم  ، واتهاما للجانب الفلسطيني بالإرهاب والوحشية، وإظهار الأسى والمواساة لمن قتلوا في الأحداث من الجانب الإسرائيلي، مع التغاضي التام عن أن إسرائيل كيان محتل وكيان عنصري بموجب قرارات عديدة للأمم المتحدة، وأنها قامت بمذابح وحشية على مدى عشرات السنين وثقتها المؤسسات الدولية مثل مذبحة دير ياسين وقانا وصابرا وشاتيلا وجينين، واجتياحاتها المتكررة لغزة وقتل النساء والأطفال وكبار السن دون تفرقة وبوحشية هائلة.

حصار غزة من البر والبحر والجو

كما أن حصار غزة من البر والبحر والجو ومنع الغذاء والدواء والكهرباء عن أهلها  وأن الفلسطينين لهم حق الدفاع الشرعي عن أرضهم وحريتهم بموجب القانون الدولي  وتنظر إليهم إسرائيل كحيوانات بشرية كما عبر قادتهم في بيانات كثيرة، ونظرا لهذه الظروف اللاإنسانية انفجر الغضب في المجتمع الفلسطيني في غزة دفاعا عن حقوقهم وإنسانيتهم المسلوبة بعدما رأوا صمتا مطبقا من العالم على مدى سنوات طويلة باستثناء بعض المنصفين هنا أو هناك. وإذا كانت الجمعية الأمريكية للطب النفسي تبدي تعاطفا مع الأسرى الإسرائيليين فلماذا لم تبدي نفس التعاطف مع آلاف الأسرى القابعين في السجون الإسرائيلية منذ عشرات السنين دون محاكمات عادلة. 

وقد صدرت أصوات من عقلاء اليهود في مناسبات عديدة تدين ماتفعله إسرائيل من ممارسات عنصرية لا إنسانية تعتبر وصمة عار لليهود واليهودية والإنسانية جمعاء. وإذا كانت الحكومات الغربية تؤيد وتحمي إسرائيل وتتغاضى عن عنصريتها ودمويتها منذ نشأتها، وتتغاضى عن كونها كيانا محتلا طبقا لقرارات الأمم المتحدة انطلاقا من مصالح سياسية أو اقتصادية.

وإننا نستنكر أن تتخذ جمعية مهنية عريقة مثل الجمعية الأمريكية للطب النفسي نفس الموقف وهي جمعية علمية كبيرة تحوي الآلاف من علماء الطب النفسي في أمريكا ولها امتدادات في كل أنحاء العالم، والمفترض أنها تقوم على الرؤية العلمية الموضوعية الإنسانية التي لا تفرق بين حقوق البشر ودمائهم وأرواحهم وسلامتهم ورفاههم دون النظر إلى الجنس أو العرق أو اللون أو الدين وأنها تنطلق في بياناتها من الحكمة والعدالة والتوازن والموضوعية والمعرفة الدقيقة بما يجري.

 وإذا كانت الجمعية لم يتوفر لها رؤية واضحة عن أوضاع الفلسطينيين المأساوية فإننا كأطباء نفسيين نوفر لها هذه الرؤية بحكم قربنا الجغرافي وانتمائنا العربي ووعينا الإنساني ومعايشتنا اليومية لآثار الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتنكيله بأهلها بشكل وحشي وعنصري شديد التطرف بما ينافي أبسط القواعد والأعراف الإنسانية الرشيدة. 

وقد اتضحت الطبيعة العدوانية الشديدة في القصف الإسرائيلي لقطاع غزة وقتل آلاف المدنيين وأغلبهم من النساء والأطفال دون ذنب، وقصف مستشفى المعمدان اليوم ليقتل ٨٠٠ شخص دفعة واحدة في لحظات قليلة. 


لذا نتمنى أن تراجع الجمعية الأمريكية بيانها وتتوخى الموضوعية والرؤية الإنسانية لجميع الضحايا، وأن ترعى الحقوق المكفولة بالقوانين الدولية لجميع البشر دون تمييز أو تحيز.