د. محمد كامل أحمد يكتب: "الجامعة.. قاطرة الأمة 2"
تطور الأمم ونموها هي سنة الحياة الناتجة عن التراكم المعلوماتي الذي لا يختلف عليه إثنين، وعلى الجانب الآخر من السذاجة أن نفصل العلم عن سياسة أي دولة متقدمة، فلكل دولة هدف قومي مبني على التنافس المعرفي لتسخير العلم ونظرياته للوصول إلى الهدف بناء على قوانين علمية تحدد مقدرات الدولة كمتفاعلات تستخدمها للوصول الى نواتج هي في حقيقتها الهدف القومي للدولة أو إحدى مفرداته.
في القرن الماضي كانت هناك مدرستين علميتين تأخذان الصبغة السياسية وهما المدرسة الشرقية بريادة الاتحاد السوفيتي والمدرسة الغربية التي تقودها اوروبا الغربية والولايات المتحدة. ورغم تسييس العلم الا ان اساسياته الفلسفية لا تتخطي حدود مدرستان للعلوم والآداب تنقسمان فلسفيا الى مدرسة تحليلية Analytical school ومدرسة تخليقية Synthetic school.
وتعتمد المدرسة التحليلية على الفحص الشامل للنواتج النهائية وتحليلها لعناصرها الأولية، وعلى الجانب الآخر فإن المدرسة التخليقية تدرس العناصر الأولية (المتفاعلات) وتهتم بالتجريب للوصول إلى نواتج محددة وتتميز تلك المدرسة بالفكر الإبداعي والابتكاري حتى وصلت الدول المتقدمة إلى ما هي عليه من تطور في كافة المجالات لدرجة التفكير في دمج البيولوجي والتكنولوجي معا، فبعد الروبوتات يتجهون الآن الى تحويل الكائنات إلى نصف تكنولوجية أو تحويل الروبوتات الى نصف كائنات ومن هنا ظهر الذكاء الاصطناعي.
وسبق هذا التحكم في الظاهر الطبيعية مثل الاستمطار الصناعي والزلازل والسيول والقنابل الكهرومغناطيسية.
لقد اقتصر تفكير الدول المتقدمة على المدرسة التخليقية وهى التي مكنتهم من السيطرة على السوق العالمي سواء بقوة أسلحتها الفتاكة او منتجاتها التي لا يملك تخليقها الدول المتخلفة أو ما نسميها النامية.
وقد أدي تخلف العالم الثالث إلى وقوع بلدانه بين أن يبدأ كما بدأ الغرب، وهذا سيجعله في ذيل الأمم وعرضة للسيطرة عليه من قبل الدول المتفوقة تكنولوجيا أو أنه يقلد الدول المتقدمة ويبدأ من حيث انتهوا.
إن محاولة الدول المتخلفة البدء من حيث انتهت الدول المتقدمة جعلها تحت رحمتها فلا بحث علمي إلا ما تمن عليها به الدول المتقدمة ونجحت الأخيرة في تسخير الباحثين في الدول المتأخرة لتحقيق مرادها سواء بمدها بالمعلومات التي امدتهم بأساسياتها بل وتحتضن النوابغ من علماء الدول المتخلفة.
وفي الخاتمة تذكر أن جودة التعليم وتصنيف المجلات العلمية والرقمنة واحتياجات سوق العمل وغيرها من المسميات الدخيلة على ثقافة الدول المتخلفة هي في حقيقتها دمج للسيطرة على العقول والسياسات العلمية لبلدان العالم الثالث وللحديث بقية.