عميد هندسة القاهرة: المعامل الافتراضية حلًا عمليًا لتقليل التكلفة.. ويمكن للطالب المتميز إكمال الدراسة في 4 سنوات
استعرض الدكتور حسام عبدالفتاح عميد كلية الهندسة جامعة القاهرة رؤية الكلية في تطوير التعليم الهندسي، وتفاصيل اللائحة الجديدة التي تعد نقلة نوعية في التعليم الهندسي بمصر، إلى جانب الدور المتنامي للتكنولوجيا الحديثة في التدريس، ومساهمات الكلية في خدمة المجتمع والبحث العلمي، في حواره لموقع "كشكول".
• ما هى رؤيتكم لتطوير التعليم الهندسي في الكلية لمواكبة متطلبات سوق العمل المحلي والدولي؟
تطوير التعليم الهندسي في الكلية لا يتم بمعزل عن المجلس الأعلى للجامعات لآن اللوائح الداخلية للكلية يتم اعتمادها من لجنة التعليم في المجلس الأعلى للجامعات "لجنة الدراسات الهندسية"، وهى تنشئ إطار مرجعي عام للدراسات الهندسية في كل الجامعات الحكومية في مصر.
وأطلقت كلية الهندسة بجامعة القاهرة لائحة تعليمية جديدة تمثل نقلة نوعية في التعليم الهندسي بمصر، مستندة إلى أفضل الممارسات الدولية في الجامعات المرموقة مثل تلك في الولايات المتحدة وإنجلترا، واللائحة الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2023، تضع حدًا للتكرار في المقررات الدراسية وتعتمد على نظام الساعات المعتمدة، مما يمنح الطلاب مرونة كبيرة في استكمال دراستهم.
وبفضل نظام الساعات المعتمدة، يمكن للطالب المتميز إكمال الدراسة في أربع سنوات فقط إذا استوفى الحمل الدراسي المطلوب، وفي الوقت نفسه، يمكن للطلاب المتعثرين توزيع موادهم الدراسية على فترات أطول بما يناسب قدراتهم، دون الحاجة لإعادة العام الدراسي كاملًا كما كان الحال في نظام الفصلين الدراسيين.
وأصبح بإمكان الطلاب قضاء فصل دراسي أو أكثر في جامعات شريكة دولية، ضمن اتفاقيات تبادل طلابي، مع احتساب هذه الفصول كمواد اختيارية ضمن خطتهم الدراسية، ويُعزز هذا النظام من كفاءة الطلاب من خلال التدريب العملي والحصول على خبرات حياتية وعلمية خارج البلاد.
كما تعتمد غالبية المواد على توزيع درجات بنسبة 60% لأعمال السنة والتقييمات المستمرة، و40% فقط للامتحان النهائي، وفي بعض المواد الخاصة، يكون التوزيع متساويًا بنسبة 50/50، هذا النهج يركز على التقييم المستمر ويخفف من الضغط المرتبط بالاختبارات النهائية.
ولضمان استفادة الطلاب الحاليين، أتاحت الكلية إمكانية انتقال الطلاب إلى اللائحة الجديدة بشرط استيفاء عدد معين من الساعات الدراسية، مما يمنحهم فرصة الاستفادة من التحديثات المطبقة.
كما أكدت الكلية أن التحديثات جاءت استجابة لمتطلبات سوق العمل، حيث تشجع الطلاب على التدريب العملي والمشاركة في برامج دولية لتعزيز مهاراتهم وكفاءاتهم، مما يضمن جاهزيتهم للتحديات المهنية الحديثة.
واللائحة الجديدة تعكس التزام الكلية بمواكبة التطورات العالمية في التعليم الهندسي، مع مراعاة احتياجات الطلاب ومواكبة متطلبات سوق العمل المحلي والدولي.
• كيف تعمل الكلية على دمج التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في المناهج الدراسية والمختبرات؟
تعد كلية الهندسة بجامعة القاهرة من المؤسسات الرائدة في تطبيق التقنيات الحديثة في التدريس، وعلى رأسها المعامل الافتراضية، التي أصبحت حلًا مبتكرًا لمواجهة التحديات المالية واللوجستية المتعلقة بإنشاء معامل حقيقية.
حيث تم إنشاء أول معمل افتراضي في قسم الهندسة المدنية منذ عام 2010، يوفر هذا المعمل للطلاب فرصة لإجراء تجارب تحاكي الواقع باستخدام أجهزة الكمبيوتر وحزم برمجية متطورة، وتمكن هذه التقنية الطالب من تغيير المدخلات ومعاينة النتائج في الوقت الفعلي، مما يعزز من فهمه للتجربة ونتائجها.
على الرغم من فعالية المعامل الافتراضية في توفير بيئة تعليمية حديثة، إلا أنها لا تُغني عن المعامل الحقيقية، فالطالب الهندسي يحتاج إلى التعامل المباشر مع الواقع المادي للأدوات والمعدات، نظرًا لأن سوق العمل يعتمد على تطبيقات عملية وواقعية، لذلك، تأتي المعامل الافتراضية كجزء مكمل للمنظومة التعليمية، تساعد في تنفيذ التجارب المكلفة أو تلك التي يصعب إجراؤها في بيئة حقيقية.
كما أن إنشاء معامل حقيقية جديدة أصبح مكلفًا للغاية، خاصة مع التغيرات الاقتصادية وسعر الصرف، لذلك، تُعد المعامل الافتراضية حلًا عمليًا يقلل من التكلفة، مع الاستمرار في تقديم تعليم عالي الجودة.
ويؤكد نهج الكلية على ضرورة تحقيق توازن بين التقنيات الحديثة والتدريب التقليدي، فالهدف النهائي هو إعداد مهندسين قادرين على مواجهة التحديات العملية في سوق العمل الواقعي.
• هل هناك شراكات أكاديمية أو برامج تبادل طلابي مع جامعات دولية؟ وكيف يستفيد الطلاب من هذه الشراكات؟
في إطار حرصها على تعزيز التجربة التعليمية والعملية لطلابها، تعمل كلية الهندسة جامعة القاهرة على التوسع في برامج التبادل الطلابي مع جامعات دولية، مما يمنح الطلاب فرصة قيمة لاكتساب خبرات حياتية وعلمية فريدة.
ويتيح برنامج التبادل الطلابي للطلاب قضاء فصل دراسي أو أكثر في جامعات دولية خارج مصر، وهو ما يساعدهم على الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم والانخراط في بيئات جديدة، هذا الانفتاح يساهم في بناء شخصيات مستقلة وقادرة على التعامل مع تحديات الحياة بشكل أكثر نضجًا، بالإضافة إلى التعرف على ثقافات متنوعة، مما يثري تجربتهم الشخصية والمهنية.
وتتمتع كلية الهندسة جامعة القاهرة بسمعة أكاديمية مرموقة، كونها الأعلى تصنيفًا في أفريقيا، وهذه السمعة فتحت الباب أمام شراكات مع جامعات مرموقة حول العالم، أبرزها في الولايات المتحدة، فرنسا، إيطاليا، والصين، ويتم العمل حاليًا على تطوير برامج تناظر أكاديمي (Matching) بين المقررات التي يدرسها الطلاب في الخارج وتلك المعتمدة في الكلية لضمان استفادتهم الأكاديمية الكاملة.
مع تعديل اللوائح الدراسية، أصبحت إجراءات التبادل الطلابي أكثر مرونة وسلاسة، حيث يمكن للطلاب الآن احتساب المقررات التي يتم دراستها في الجامعات الأخرى كجزء من متطلبات التخرج، ما يشجعهم على خوض هذه التجربة دون تعقيدات إدارية.
وإلى جانب الفوائد العلمية، يكتسب الطلاب المشاركون في برامج التبادل خبرات حياتية ثمينة. التعلم في بيئة جديدة، التعامل مع ثقافات مختلفة، والاعتماد على النفس هي مهارات تعزز من جاهزيتهم لسوق العمل العالمي.
كما تعمل الكلية حاليًا على توسيع نطاق الشراكات مع أكثر من عشر جامعات دولية، بهدف إتاحة المزيد من الفرص لطلابها، وهذا التوجه يعكس رؤية الكلية نحو تقديم تعليم عالمي المستوى يواكب تطلعات الشباب وسوق العمل، وبهذا تواصل كلية الهندسة جامعة القاهرة تقديم نموذج تعليمي متميز، يجمع بين التميز الأكاديمي والانفتاح العالمي.
- كيف تسهم الكلية في خدمة المجتمع سواء من خلال المشاريع الهندسية أو الدراسات التطبيقية؟
لا يقتصر دور كلية الهندسة جامعة القاهرة على التعليم الأكاديمي والبحث العلمي، بل يمتد ليشمل خدمة المجتمع باعتبارها ركيزة أساسية من رسالتها، من خلال منظومة متميزة من المراكز والمعامل، تلعب الكلية دورًا رياديًا في دعم الصناعة والمشروعات القومية، مع تعزيز مواردها الذاتية لتحقيق التنمية المستدامة.
وتضم الكلية 13 مركزًا متخصصًا تغطي مختلف التخصصات الهندسية، وتقدم هذه المراكز خدماتها للمجتمع، بما في ذلك إجراء الاختبارات الفنية للصناعات المختلفة، كما تعتمد الكلية في هذه المهام على معاملها المتميزة وكوادرها الأكاديمية ذات الخبرة الواسعة، مما يجعلها مرجعًا موثوقًا للجهات المختلفة.
حيث تعد كلية الهندسة جامعة القاهرة شريكًا أساسيًا في تنفيذ المشروعات القومية بمصر، بفضل الخبرات المتراكمة لأساتذتها ومعاملها المتطورة، تساهم الكلية في تقديم استشارات هندسية عالية الجودة تدعم خطط التنمية الوطنية في مختلف القطاعات.
ويحقق دور الكلية في خدمة المجتمع مردودًا مزدوجًا، حيث تستفيد الجهات المتعاملة مع الكلية من جودة الاستشارات والخدمات التي تقدمها، مما يعزز الثقة في الخبرات الهندسية لجامعة القاهرة، ويُعد تقديم الخدمات للمجتمع مصدرًا مهمًا لتعزيز الموارد المالية للكلية. تُستخدم هذه الموارد في تطوير البنية التحتية والتعليمية، فضلًا عن زيادة دخل الجامعة باعتبار الكلية جزءًا من منظومتها.
كما تؤكد كلية الهندسة جامعة القاهرة التزامها بالاستدامة من خلال تمويل عمليات التطوير من مواردها الذاتية، مما يعكس رؤية واعية نحو تعزيز قدراتها دون الاعتماد الكامل على موارد الدولة، وبهذه الجهود المتكاملة، تواصل الكلية دورها الرائد في خدمة المجتمع ودعم المشروعات القومية، مع الحفاظ على مكانتها كأحد أعمدة الهندسة والتعليم العالي في مصر والمنطقة.
• ما هى أبرز المجالات البحثية التي تركز عليها الكلية حاليًا؟ وهل هناك خطط لتوسيع التعاون البحثي مع المؤسسات الصناعية أو الجامعات الدولية؟
تتبنى كلية الهندسة جامعة القاهرة توجهات استراتيجية طموحة في مجال البحث العلمي، تركز على القضايا العالمية والمحلية ذات الأهمية، مع ربط الأبحاث باحتياجات السوق والصناعة.
وفي إطار استراتيجية جامعة القاهرة للذكاء الاصطناعي، تسعى الكلية لإنشاء مركز تميز مخصص لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الهندسة، ويهدف المركز إلى دمج الذكاء الاصطناعي في تصميم النظم الهندسية وتحليلها، مما يساهم في تحسين الكفاءة وزيادة الابتكار في مختلف القطاعات.
كما تولي الكلية اهتمامًا كبيرًا بقضايا التحول الطاقي، بما في ذلك إنتاج الطاقة النظيفة ودمج مصادر الطاقة المتجددة في شبكات الكهرباء، ويتم التركيز على دراسة المشكلات التي قد تنشأ عن دمج هذه الموارد في الشبكات التقليدية، مع تقديم حلول مبتكرة تدعم الاستدامة.
ويقوم قسم الهندسة المعمارية بالتعاون مع أقسام هندسة الحاسبات والاتصالات بتطوير تقنيات جديدة للمباني الخضراء والذكية، وتسعى هذه الأبحاث إلى تحسين كفاءة الطاقة وتقليل البصمة الكربونية للمباني، مما يواكب الاتجاهات العالمية نحو العمارة المستدامة.
ويعمل الباحثون في الكلية على تطوير أنواع جديدة من الخرسانة تتميز بالاستدامة والكفاءة العالية مقارنةً بالخرسانة التقليدية، وتسهم هذه الأبحاث في تقديم حلول متطورة للبناء والتشييد بما يتماشى مع متطلبات البيئة والاقتصاد.
وتعتمد الكلية على نموذج مبتكر في البحث العلمي يعتمد على التعاون الوثيق مع الصناعة. يتم استهداف المشكلات التي تواجه الشركات والمؤسسات، مع تقديم حلول عملية تدعم الابتكار وتعزز من دور البحث العلمي في التنمية الاقتصادية.
كما تحظى الكلية بدعم كبير من جهات مانحة دولية، لا سيما الاتحاد الأوروبي، الذي يشترط تعاونًا بين الجامعات المصرية والأوروبية، وتعد الكلية من أبرز الجهات الأكاديمية التي تحصل على مشاريع ممولة، بفضل سمعتها المتميزة وشراكاتها الدولية الواسعة، ومن خلال هذه المجالات البحثية الرائدة، تؤكد كلية الهندسة بجامعة القاهرة دورها كمنارة علمية تسهم في بناء مستقبل مستدام ومواكب للتحديات العالمية.