الإثنين 23 ديسمبر 2024 الموافق 22 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
جامعات

إعلام القاهرة: "الإعلام الرقمي" أنهى الاحتكار.. وهو حُرّ وخال من القيود والرقابة

كشكول

قالت الدكتورة هويدا مصطفى عميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة، إن صناعة الإعلام وبيئته تشهد تطورات متلاحقة فرضتها تكنولوجيا الاتصال الحديثة وما أفرزته من منظومة إعلامية رقمية تختلف عن منظومة الإعلام التقليدي التي تشمل  وسائل الاتصال والتعبير التقليدية من التلفزيون وقنوات الكابل والإذاعة والسينما واستوديوهات الموسيقى والصحف والمجلات والكتب والنشرات المطبوعة، مشيرة إلى أن الخاصية المشتركة بين هذه الوسائل هي أنها إما مملوكة للدولة أو المؤسسات الإعلامية الخاصة.

وأضافت مصطفى، خلال كلمتها في المؤتمر العلمي الدولي الـ٢٦ تحت عنوان "الإعلام الرقمي والإعلام التقليدي مسارات للتكامل والمنافسة"، أن الإعلام الجديد المعروف بـ"الإعلام الرقمي" قد أنهى الاحتكار، وهو إعلام حُرّ (وأحياناً فوضوي) خال من القيود والرقابة، وقد أصبح متاحًا لجميع شرائح المجتمع وأفراده، بحيث يمكن لأي كان الدخول فيه واستخدامه والاستفادة منه ونشر أفكاره والتعبير عن آرائه بحُرّية مطلقة، طالما توافرت لديه خدمة الإنترنت، وأجاد استعمال أدواته من حاسب آلي، أو هاتف ذكي أو غيره، واشترك في واحد أو أكثر من مواقع التواصل الاجتماعي (ومعظمها مجّانيّة) كـ"الفيسبوك، وتويتر، واليوتيوب، والمُدوّنات (Blog)، وغيرها".

 

وأوضحت مصطفى، أن الإعلام الجديد أتاح لاى فرد، بكاميرته الصغيرة المحمولة، أن يلعب دور «المراسل الصُحفي»، وأصبح كل شخص قادرًا على التفاعل مع الخبر ونقله وتوثيقه بالكتابة والصورة والفيديو، وهذا ساهم في سرعة نقل الخبر ونشره وتناقله، مما دفع القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المقروءة للنقل عنه، ومما يُهدد، ولو جزئيًا، دور منظومة الإعلام التقليدي المُمولة بالمال والتقنيات والتي تُوظف موارد بشرية كبيرة.

 

ولفتت مصطفى، إلى أن الإعلام الرقمي وفّر خصائص جديدة ﻻ يوفرها اﻹﻋﻼم التقليدي منها القدرة ﻋﻠﻰ التفاعل المباشر والفوري (Interactivity)، وأيضا التفضيل الشخصي للمعلومات عبر إتاحة الإمكانية لزائر الموقع لاختيار موضوعات أو خدمات معيّنة، وسرعة نقل الخبر والصورة، وتبقى خاصّيته الأهم سرعة الانتشار والنفاذ دون عوائق، ومن هنا ظهرت العديد من الدعوات التى أشارت إلى أن الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي سوف تنهي دور الإعلام التقليدي، لكن التجارب التاريخية أوضحت أن الوسائل الإعلامية تبقى وتتعايش وتتساند وتبتدع لنفسها خصائص وأدواراً جديدة تضمن لها البقاء، فبالرغم من أن الإعلام التقليدي يعاني أزمة حادة توزيعاً وإعلاناً، وهو مدفوع إلى مواجهة حقائق التغيير التي حدثت، ودراستها وتحليلها للخروج بحلول مناسبة وعملية، وسُرعة تطبيقها  والتعامل والتكيف معها.

 

وقالت مصطفى، "السؤال الأساسي هو إلى أين سيتجه الإعلام التقليدي وكيف سيطور من أدواته ويدعمها بأفكار جديدة تعطيه دورًا جديدًا وتجعله قادرًا على البقاء وربما المنافسة، بل تنقذه من خطر التراجع لحساب إعلام الإنترنت السريع  والفردي الذي بدأ يستقطب جزء كبير  من ميزانية الإعلان، وبدأ يُقنع المُعلنين أنه الأقدر والأكثر والأسرع وصولاً للجمهور.

العديد من وسائل الإعلام التقليدي، وهي ما زالت تمتلك القدرة والشهرة والخبرة، أخذت تعيد تكوين نفسها، وتعيد بناء ذاتها، لتندمج في منظومة الإعلام الجديد وتكون جزءاً منه، عبر خلق مواقع إلكترونية تابعة لها، واستخدام وسائط الإعلام الجديدة التي تُسهّل عملية التواصل مع الجمهور لمعرفة اتجاهاتهم واستقصاء مواقفهم واهتماماتهم، واستخدامها في كتابة التحقيقات والاستطلاعات الصحفية".

 

وأوضحت مصطفى، أن الإعلام التقليدي أصبح يتحدث عن الكثير من القضايا التي يتم تناولها في الإعلام الجديد، والعكس صحيح، حيث إن الإعلام الجديد يعلق على الموضوعات المطروحة في الإعلام التقليدي، فالخط الفاصل بين الإعلام التقليدي والجديد أصبح خطا واهيا، لافتة إلى أن هذا الوضع يثير العديد من القضايا والإشكاليات والتساؤلات هل سيبقى  للإعلام التقليدي مكانته لأنه يستقي الأخبار من المصادر الرئيسية، بينما الإعلام الجديد يعتمد أكثر على الرأي الشخصي والشائعات.

 

وأكدت مصطفى، أن تراجع الإعلام التقليدي لن يلغي أهمية الوسائل الإعلامية التقليدية المتخصصة، فالواقع يشهد أن كثيرا من المُستخدمين والمتابعين لا يزالون يستخدمون الإعلام التقليدى الذى اتجه استخدام  وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية من جهة أخرى فقد وفّر الإعلام التقليدي أرضية خصبة للإعلام الجديد، فلا جدوى من الحديث عن صراع بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد.

 

وتابعت مصطفى، أن الإعلام الجديد هو أيضًا بحاجة إلى التطوير والتحديث، من خلال تحسين المحتوى، والبحث عن طرق أفضل للتسويق، والعمل على التخلص من المساوىء التي تتمثل في عدم التحقق من المواد المنشورة، وعدم الثقة بالإخبار، مضيفة أن العلاقة بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد يجب أن تتفادى الصراع وتتجه إلى التكامل، ويبقى التكامل بين النوعين، الخيار الأمثل للنجاح في عالم ينقسم إلى شقّ افتراضي وشقّ واقعي.

 

وأشارت عميدة إعلام القاهرة، أن كل هذه القضايا هى مثار للنقاش فى المؤتمر العلمي الدولي للكلية، كما يناقش المؤتمر عددًا من القضايا والموضوعات المحورية في مستقبل صناعة الإعلام، وتشكل تأثيرات الثورة الرقمية على شكل ومحتوى الرسالة الإعلامية محورًا مهما من محاور المؤتمر الذي يحظى بمشاركة مصرية وعربية ودولية تثري النقاشات العلمية لقضاياه ومحاوره المختلفة، تمهيدا للوصول إلى توصيات أكاديمية ومهنية يمكن تطبيقها.

 

وتشهد جلسات المؤتمر على مدار يومين مناقشة العديد من الأبحاث والدراسات العلمية التي تتناول مختلف أشكال صناعة الإعلام، وتبحث في تقنيات الإعلام الرقمي والتأثيرات المتبادلة بينها وبين وسائط الإعلام التقليدي.

 

وتحظى تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي باهتمام لافت من جانب بحوث ودراسات المؤتمر التي تسعى للكشف عن تأثير هذه التطبيقات ليس فقط على شكل ومضمون الرسالة الإعلامية، أو على المستقبل الوظيفي للقائم بالاتصال، ولكن أيضا البحث في تأثير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير الدراما التليفزيونية المصرية، وفي مستقبل الصحافة المصرية، بالإضافة إلى دراسة توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي كآلية للتحري والتدقيق وكشف الأخبار الزائفة والشائعات، وتوظيف تقنیات استخدام الهواتف الذكیة في صناعة المحتوى الإعلامي.

 

كما يستعرض الباحثون رؤاهم العلمية بشأن مستقبل صناعة الإعلان والتجارة الاليكترونية وتطوراتها في ضوء تقنيات العصر الرقمي، ومنها تقنية الواقع المعزز، فيما تفرض ظاهرة التسويق الالكتروني عبر المؤثرين، أو عبر صناع المحتوى، نفسها على جلسات وأبحاث المؤتمر.

 

ولا تزال منصات التواصل الاجتماعي تفرض حضورها في الدراسات الإعلامية بما تملكه من تداخل وتشابك كبير مع كافة الوسائط والدوائر الإعلامية، ومن ثم تسعى عدة أوراق بحثية إلى الكشف عن مدى تعرض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي للمعلومات والأخبار الكاذبة والمضللة حول بعض القضايا، وعلى رأسها فيروس كورونا في ظل أزمة نقص المعلومات، وتوظيف الفيس بوك في الرقابة الشعبية لحماية المستهلك، فضلا عن دراسة مدى كفاءة توظيف القنوات التلفزيونية المصرية لإمكانات مواقع التواصل الاجتماعي، وعما إذا كان مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يدركون أهمية الأمن السيبراني ودوره في الأمن المعلوماتي.

 

كما لم يغفل المؤتمر التطورات التي أصابت دور القائم بالاتصال في ظل المنافسة بين الإعلام الجديد والقديم، ودراسة الوظائف والمعايير الحاكمة لأداء محررو شبكات التواصل الاجتماعي بالمواقع الإلكترونية.

 

أما فيما يتعلق بصحافة الفيديو باعتبارها إحدى تاثيرات الإعلام الجديد في العصر الرقمي، فهي تخضع للبحث عبر الكشف عن تأثير تقنيات الذكاء الإصطناعى المستخدمة في تطوير إنتاج الرسالة المقدمة عبر صحافة الفيديو، ودورها في التأثير على اتجاهات الشباب نحو أزمة كورونا.

 

ولا يغفل المؤتمر التركيز على التأثيرات النفسية والاجتماعية لتطبيقات وأدوات العصر الرقمي، خاصة تطبيقات الهواتف الذكية (TIK TOK نموذجا)، فضلا عن دراسة أثر الألعاب الإلكترونية الاستراتيجية في إدراك الأطفال لبعض المفاهيم ومن بينها مفهوم الحروب وأدواتها.

 

كما تشهد هذه الدورة تطورا لافتا بشأن تلقي المشروعات البحثية الجماعية التي تناقش قضايا كبيرة ومتشعبة؛ حيث تترأس الدكتورة هبة السمري الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فريقا بحثيا من عدد من أعضاء هيئة التدريس والباحثين بالكلية، لدراسة قضية محورية، وهي «التماس المعلومات لاستراتيجيات التسويق الشبكى وأثرها في تحقيق أبعاد رؤية مصر للتنمية المستدامة»، كما يتقدم معهد البحوث والدراسات العربية، بمشروع بحثي جماعي حول قضية «ضوابط حماية حقوق المستهلك في ظل التسويق الإلكتروني»، فيما يسعى فريق بحثي من كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية لدراسة «تأثير التعلم الإلكتروني على مستوى التحصيل الأكاديمي للطلاب».