الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
جامعات

«الخشت»: الاجتهادات الفقهية أو التفسيرية ليست دينا مقدسا

كشكول

استضافت جامعة القاهرة برئاسة الدكتور محمد عثمان الخشت، صباح اليوم، الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، للحديث عن "بناء الإنسان وتطوير العقل المصري" وذلك ضمن النسخة الرابعة من معسكر قادة المستقبل الذى تنظمه الجامعة للطلاب فى إطار مشروع جامعة القاهرة الذى وضعته منذ 4 سنوات لتطوير العقل المصرى وبناء جيل جديد من الشباب يمتلك عقلًا علميًا واعيًا نافعًا لمجتمعه ومساهمًا فى نهضة وطنه.
 
حضر اللقاء المفتوح، الدكتور عبد الله التطاوى مساعد رئيس الجامعة للشؤون الثقافية، ونواب رئيس الجامعة، وعمداء الكليات ووكلاؤها ومستشارو رئيس الجامعة، وأعضاء هيئة التدريس والعاملون والطلاب.
 
وأوضح الخشت، خلال اللقاء، الفرق بين الوحى والتراث، مؤكدًا أن الوحى هو الإسلام متمثلًا فى القرآن والسنة الصحيحة وكلاهما إلهى المصدر، بينما يتمثل التراث فى المُنجز البشرى الذى نقدر بعضه ونرفض بعضه، مشيرًا إلى أنه من الخطأ والجور على الدين أن نعد الاجتهادات الفقهية أو التفسيرية من أى نوع دينًا مقدسًا، ومن الخطأ دمج التراث فى بنية وتكوين المقدس، مشيرًا إلى أن من يفعل ذلك من البشر يُخشى عليه من الشرك، لأنه يعطى لنفسه سلطة إلهية تتعارض مع مفهوم التوحيد النقى والشامل للواحد الأحد المالك وحده للحقيقة المطلقة.

تأسيس عصر دينى جديد


وقال الخشت، إن المطلق هو الله الذى يملك الحقيقة المطلقة، أما النسبى فلا يملك إلا حقائق نسبية، مستدلًا بقول المولى تعالى "وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون . الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون"، وقوله تعالى "قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أوإياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين"، مؤكدًا أن ما يدعو إليه فى كتاب " نحو تأسيس عصر دينى جديد" لا ينال من الثوابت، لأن هذه الثوابت من القرآن والسنة الصحيحة المتواترة وهى ليست جزءًا من التراث بل هى فوق التراث، لافتًا إلى أنه من المغالطة التوحيد بين الوحى والتراث، لأن هذا يتضمن إضفاء للقداسة على أعمال بشرية وهو ما يعارض التوحيد الخالص، كما أنه ليس من الابتداع فحص التراث فحصا عقلانيًا نقديًا.
 
وأكد الخشت، أننا مسلمون فقط ولسنا أشاعرة ولا شيعة ولا مرجئة ولا جهمية أو غيرها من الفرق العقائدية التى يدافع عنها البعض دفاع المشجع لإحدى الفرق الرياضية، لافتًا إلى أنها تقع تحت طائلة قوله تعالى "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون"، ومن الخطأ الواضح تفسيرها على أهل دين بعينه لأن اللفظ عام العبارة كلية تشمل كل من يفعل ذلك.
 
ولفت رئيس جامعة القاهرة، إلى ضرورة التمييز بين المقدس والبشرى والعودة إلى المنابع الصافية المتمثلة فى القرآن والسنة الصحيحة فقط، مؤكدًا أن كل ما جاء بعد اكتمال الدين ليس دينًا وإنما محاولات بشرية قابلة للصواب والخطأ، وأن الكلمة الإلهية فى الإسلام بدأت بـ "إقرأ باسم ربك الذى خلق" وانتهت بـ"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا"، حيث اكتمل الدين بإعلان إلهى وهذه هى كلمته الأخير، وهنا أغلقت دائرة الكلمات المقدسة، وبالتالى فإن كل ما جاء بعد ذلك فى التراث ليس دينا بل مجرد اجتهادات بشرية.
 
وتابع الدكتور الخشت، أنه ليس لبشر عصمة وإنما العصمة لرسول الله صل الله عليه وسلم فهو المعصوم فى أمر الدين بالوحي، موضحًا أن القرآن لا توجد به آية واحدة تعين شخصا سوى رسول الله للحديث باسم الحقيقة الدينية، وأن الرسول لم يرد عنه أى حديث لتحديد شخص بعينه يحمل الرسالة بعده، بل أن القرآن الكريم يذم طاعة السادة والكبراء دون برهان محكم لمجرد مكانتهم، وقال تعالى فى هذا الشأن "وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا".
 
ومن جانبه، أشاد الدكتور سعد الدين الهلالي، بمشروع جامعة القاهرة فى التنوير وتطوير العقل المصرى وانطلاق معسكر قادة المستقبل بما يساهم فى زيادة وعى طلاب الجامعة ومعرفتهم بكيفية إدارة شؤون حياتهم من خلال العلم والمعرفة والتسلح بخبرات الأساتذة وأصحاب الرؤى والعقول الناضجة، مشيرًا إلى دور الجامعة الرائد فى التعليم والتنوير وتمكين المواطن المصرى من المعرفة والتحرر من الجمود للانطلاق إلى المستقبل وليس العيش فى الماضي، مؤكدًا انطلاق التنوير من جامعة القاهرة إلى الوطن العربى بأسره وليس مصر فقط وأخرجت عقول مصرية جديرة بحماية حضارتها ومستقبلها.

بصمة تاريخية


وأشار الهلالي، إلى أن الدكتور محمد الخشت أحد أهم الذين سجلوا بصمتهم التاريخية التى ستظل قائمة إلى الأبد من خلال تقديمه خارطة إصلاح الخطاب الدينى من خلال التفرقة بين المقدس والبشري، وتأكيده على أن التراث هو التفسير الذى دونه الفقهاء، لافتا إلى أن تطوير العقل الجمعى المصرى يستلزم تعميم الوعى بمفهومه الشامل للدين دون خوف عليه، والانفتاح على الآخر فكريًا وعلميًا بالبعثات والسياحة الداخلية والخارجية دون فزاعة المؤامرة على الدين، بالإضافة إلى التمكين للخطاب الدينى المستوعب للآخر بالمشاركة لا بالمغالبة أو الاستعلاء، وتصحيح منمساره من الاستعباد أو التجنيد إلى السيادة بالإبلاغ والتعليم، والاعتراف بالرشد الدينى للمواطن المصرى الرشيد ماليًا واجتماعيا وعلميًا، والآمن بقلبه السليم.
 
وأوضح الدكتور سعد الدين الهلالي، عدة جوانب أساسية لبناء الإنسان وتطوير العقل المصري، تبدأ ببناء الإنسان الذى يتمثل فى رعاية خلق الإنسان على وجهه الأقوم، وتأهيل الإنسان علميًا لما خلق له، وأن علاقة الدين علاقة فردية وليست جماعية أو طائفية، لافتًا إلى وجود 5 عناصر يتحدث فيها خلال الندوة وهى بناء الانسان، وحكمة خلق البشر، ومصادر المعرفة، ووجود حقائق يعمد أوصياء الدين إلى تغييبها، وتطوير العقل المصري.